فصل : فأما
بيع المخاسرة فصورته أن يقول شراء هذا الثوب على مائة درهم ، وقد بعتكه مخاسرة بنقصان العشرة واحد منها ، فهذا جائز كبيع المرابحة : لأنهما عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد وإن كان مجهولا حال العقد . وإذا صح جواز المخاسرة كما يصح جواز المرابحة ، فقد اختلف أصحابنا في كيفية الحكم فيه . والذي عليه قول الجمهور منهم أنه يرد كل أحد عشر درهما من رأس المال إلى عشرة دراهم ، فيصير آخذا لهذا الثوب بأحد وتسعين درهما إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم : لأن التسعة والتسعين ردت إلى تسعين ، والدرهم الباقي أسقط منه جزءا من أحد عشر جزءا .
قالوا وإنما ردت الأحد عشر إلى العشرة من المخاسرة ، كما ردت العشرة إلى الأحد عشر في المرابحة .
وقال بعض أصحابنا : بل يرد كل عشرة من رأس المال إلى تسعة فيحط من الثمن العشر ، فيصير آخذا لهذا الثوب بتسعين درهما .
قالوا : لأنه لما وجب في المرابحة أن يزيد على كل عشرة واحدا وجب أن ينقص في المخاسرة من كل عشرة واحدا ، وهو قول بعض العراقيين .
والأصح من المذهبين عندي أن يعتبر لفظ العقد ، فإن كان قال : وأخسر لكل عشرة واحدا ، ردت الأحد عشر إلى عشر كما قاله الأولون ، وإن كان قال : وأخسر من كل عشرة واحدا ردت العشرة إلى تسعة كما قاله الآخرون : لأن لفظة من تقتضي إخراج واحد من العشرة وتخالف معنى الكلام .
[ ص: 284 ]