مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن
أكراه إلى مكة فشرط سيرا معلوما فهو أصح ، وإن لم يشترط فالذي أحفظه أن السير معلوم على المراحل : لأنها الأغلب من سير الناس كما أن له من الكراء الأغلب من نقد البلد وأيهما أراد المجاوزة ، أو التقصير لم يكن له " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح : لأن السير لا يمكن أن يتصل ليلا أو نهارا ، فلم يكن بد من وقت استراحة ووقت سير ، فإن
شرطا في عقد الإجارة قدر سيرها في كل مرحلة بفراسخ معلومة وفي وقت من الزمان معلوم كأول النهار أو آخره ، أو أول الليل أو آخره ، أو طرفي النهار صح العقد وحملا على شرطهما سواء وافقا فيه عرف الناس ، أو خالفاه كما لو شرطا في الأجرة نقدا سمياه صح به العقد سواء وافقا فيه الأغلب من نقود الناس ، أو خالفاه وإن لم يشترطا سيرا معلوما في زمان معلوم نظر ؛ فإن كان سير الناس في طريقهم معلوما بمنازل قد تقدرت لهم عرفا وفي زمان قد صار لهم إلفا كمنازل طريق
مكة في وقتنا ، وسير الحاج فيها في أوقات راتبة صحت الإجارة مع إطلاق السير وحملا على عرف الناس في سيرهم قدرا ووقتا ، وإن كان سير الناس مختلفا بطلت الإجارة كما أن إطلاق النقد في الأجرة يوجب حملها على الأغلب من نقد البلد فإن كان نقد الناس مختلفا بطلت الإجارة .