[ ص: 425 ] تضمين الأجراء من الإجارة
من كتاب اختلاف
أبي حنيفة وابن أبي ليلى
قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " الأجراء كلهم سواء ، وما تلف في أيديهم من غير جنايتهم ففيه واحد من قولين أحدهما الضمان : لأنه أخذ الأجر ، والقول الآخر لا ضمان إلا بالعدوان ( قال
المزني ) هذا أولاهما به : لأنه قطع بأن لا ضمان على الحجام يأمره الرجل أن يحجمه ، أو يختن غلامه ، أو يبيطر دابته ، وقد قال
الشافعي : إذا ألقوا عن هؤلاء الضمان لزمهم إلقاؤه عن الصناع وقال ما علمت أني سألت واحدا منهم ففرق بينهما منهم . وروي عن
عطاء أنه قال : لا ضمان على صانع ، ولا أجير ( قال
المزني ) رحمه الله : ولا أعرف أحدا من العلماء ضمن الراعي المنفرد بالأجرة . عندي في القياس مثله ( قال
الشافعي ) رحمه الله : وإذا
استأجر من يخبز له خبزا معلوما في تنور أو فرن فاحترق ، فإن كان خبزه في حال لا يخبز في مثلها لاستعار التنور ، أو شدة حموه ، أو تركه تركا لا يجوز في مثله ، فهو ضامن وإن كان ما فعل صلاحا لمثله لم يضمن عند من لا يضمن الأجير " .
قال
الماوردي : وجملة الأجراء والصناع ضربان : منفرد ومشترك وحكمهما يختلف .
وقول
الشافعي : إن الأجراء كلهم سواء ؛ يعني به الأجير المشترك مع اختلاف صنائعهم . فأما الأجير المنفرد فهو الذي يكون عمله في يد مستأجره ؛ كرجل دعا صانعا إلى منزله ليصوغ له حليا ، أو يخيط له ثوبا ، أو يخبز له خبزا ، أو يبيطر له فرسا ، أو يختن له عبدا ، فينفرد الأجير بعمله في منزل المستأجر ، فهذا أجير منفرد سواء حضر المستأجر عمله أو لم يحضر ، وهكذا لو حمل المستأجر ثوبه إلى دكان الأجير ليخيطه أو حمل إليه حليه ليصوغه وهو حاضر ويده على ماله ، فهذا أجير منفرد ، وسواء كان في دكانه عمل لغيره أو لم يكن فهذان النوعان على سواء في حكم الأجير المنفرد ، وأما الأجير المشترك فهو الذي يكون عمله في يد نفسه لمستأجره مع عمله لمستأجر آخر كالقصابين والخياطين في حوانيتهم ، فأما الأجير الذي يكون عمله في يد نفسه منفردا لمستأجر واحد لا يشركه بغيره كصانع أو خياط يعمل في دكانه لرجل واحد ولا يعمل لغيره ومستأجره غائب عن عمله ، فقد اختلف أصحابنا هل يكون حكمه حكم الأجير المنفرد ، أو حكم الأجير المشترك ؟ فحكي عن
أبي إسحاق المروزي ، وهو مذهب البصريين : أنه في حكم الأجير المنفرد لاختصاصه بمستأجر واحد
وقال
أبو علي بن أبي هريرة ، وهو مذهب البغداديين : إنه في
حكم الأجير المشترك لاختصاصه باليد والتصرف دون المستأجر .
[ ص: 426 ]