الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإن اكترى دابة فضربها ، أو كبحها باللجام فماتت ، فإن كان ما فعل من ذلك ما يفعل العامة فلا شيء عليه ، وإن فعل ما لا يفعل العامة ضمن " .

قال الماوردي : وهذا كما قال . لا يجوز لمستأجر الدابة أن يضربها عند تقصير المسير ضرب استصلاح لا يخرج به عن عادة الناس ، وكذلك كبحها باللجام وركضها بالرجل ، فإن فعل فتلفت لم يضمن إلا أن يتجاوز عرف الناس فيضمن ، وقال أبو حنيفة : ليس لمستأجر الدابة أن يضربها ما لم يأذن له المالك في ضربها ، فإن ضربها ضمن ، والدليل على إباحة [ ص: 429 ] ضربها ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : اضربوها على العثار ، ولا تضربوها على النفار يعني أنها في العثار ساهية فالضرب يوقظها ، وفي النفار تزداد بالضرب نفورا فكان ذلك على عمومه .

وروى جابر بن عبد الله قال : سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلع بعيري فاشتراه مني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة دنانير وحملني عليه إلى المدينة ، فكان يسوقه وأنا راكبه وإنه ليضربه بالعصا ؛ ولأن له أن يفعل ما يتوصل به إلى استيفاء حقه إذا كان معهودا ، فإذا لم يتوصل إلى استيفاء المسير إلا بالضرب فذلك مباح . فعلى هذا لا ضمان عليه قولا واحدا إذا لم يتعد ؛ لأنه ليس بأجير وإنما هو مستأجر .

التالي السابق


الخدمات العلمية