مسألة : قال
الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو حمل له مكيلة فوجدت زائدة ، فله أجر ما حمل من الزيادة ، وإن كان الجمال هو الكيال ، فلا كراء له في الزيادة ، ولصاحبه الخيار في أخذ الزيادة في موضعه ، أو يضمن قمحه ببلده " .
قال
الماوردي : وصورتها في
رجل اكترى من جمال حمل عشرة أقفزة من صبرة طعام من البصرة إلى الكوفة بدينار ، فحملها ووجد قدرها بخلاف ما شرط ، ففي المسألة فصلان :
أحدهما : ذكره
الشافعي وهو أن يوجد ذلك زائدا .
والثاني : لم يذكره
الشافعي وهو أن يوجد ذلك ناقصا .
فأما الفصل الأول وهو أن يوجد الطعام زائدا على العشرة ، فإن كانت الزيادة يسيرة قد تكون بين المكاييل فلا اعتبار بها ويأخذها رب الطعام ولا أجرة للجمال فيها ، وإن كانت الزيادة كثيرة لا تكون بين المكاييل ؛ مثل أن تكال العشرة فوجدت خمسة عشر قفيزا ، فينظر في مكيال مثلها بالبصرة فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون رب الطعام .
والثاني : أن يكون الجمال .
والثالث : أن يكون أجنبيا ، فإن كان الكيال رب الطعام ، أخذ طعامه ، ولزمه الأجرة المسماة في العشرة ، وأجرة المثل في الزيادة ، فإن تلف البعير لم يخل أن يكون مع الجمال ، أو مع رب الطعام ، أو مع أجنبي ؛ فإن كان مع رب الطعام ضمن جميع قيمته : لأنه قد جمع بين ضمان الجناية والعدوان ، وإن كان مع الجمال فقد تفرد بضمان الجناية وحدها ، فلم يلزم جميع القيمة لحدوث التلف من مباح ومحظور وفي قدر ما يلزمه قولان من اختلاف قوليه في الجلاد .
أحدهما : يلزمه نصف القيمة .
والثاني : يلزمه ثلث القيمة ؛ لأن الزيادة ثلث الجملة وإن كان مع أجنبي نظر فيه ، فإن
[ ص: 432 ] ناب عن الجمال فهو كان لو كما بيد الجمال ، وإن ناب عن رب الطعام فهو كما لو كان بيد رب الطعام .