فصل : وإن
كان الكيال هو الجمال فلا أجرة له في الزيادة ويأخذ المسمى في العشرة ، ولا رجوع له بقدر البعير إن تلف سواء كان بيده أو بيد رب الطعام : لأنه الجاني على ماله ، ثم ينظر في الخمسة الزائدة فلربها والجمال فيها أربعة أحوال :
حال يتفقان على أن يأخذ ربها
بالكوفة فيجوز ، وحال يتفقان على تضمين الجمال لها ليرد مثلها
بالبصرة فيجوز ، وحال يتفقان على ردها بعينها إلى
البصرة فيجوز ، وحال يختلفان فيدعو ربها إلى ردها بعينها إلى
البصرة ويدعو الجمال إلى تضمينها له ليرد مثلها
بالبصرة ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة أن القول قول رب الطعام ، وله أن يأخذ الجمال بردها إلى البصرة بعينها كالغاصب .
والوجه الثاني : أن القول قول الجمال ، ويأخذ الزيادة مضمونة ليرد مثلها
بالبصرة إلا أن يشاء رب الطعام أن يأخذها
بالكوفة : لأن الزيادة لما اتصلت فارقت حكم الغصب وصارت كالغرس . فإن كان المحمول مما لا مثل له من دقيق أو سويق ، لزم الجمال رد الزيادة بعينها إلى
البصرة في الوجهين معا ، فلو هلك الطعام قبل وصوله إلى ربه ضمن الجمال الخمسة الزائدة : لأنه صار متعديا بها دون العشرة التي لا عدوان فيها . فإن قيل : فهلا صار ضامنا لجميع ذلك لاختلاط ما تعدى فيه بغيره كمن تعدى في درهم من دراهم عنده ودفعه ثم رد الدرهم منها واختلط بها صار ضامنا لجميعها ؟ قيل : الفرق بينهما أن الدراهم لما تعين بالتعدي جاز إذا اختلط بغيره أن يصير ضامنا لغيره لا لجميعه ، والزيادة التي تعدى فيها من الطعام مشاعة فيما لم يتعد فيه ، فلم يضمن إلا السهم الشائع بالتعدي . فلو اختلفا في الزيادة فادعاها كل واحد من رب الطعام والجمال فالقول فيها قول من يده عليها ، فإن كانت في يد رب الطعام فالقول قوله مع يمينه ، وإن كانت في يد الجمال فالقول قوله مع يمينه ويصير ضامنا لجميع الطعام إن هلك قبل وصوله إلى ربه . لأنه بادعاء الزيادة قد صار مقرا بالتعدي في خلطهما ، فعلى هذا لو اختلف مستأجر الدار ومالكها في قماشها فالقول قول المستأجر .
ولو اختلفا في الأبواب فالقول قول المؤجر : لأن يد المستأجر على القماش ويد المالك على الأبواب .