فصل : فإذا قيل بمذهب
ابن أبي ليلى أن القول قول الخياط فوجهه في المصالح شيئان :
أحدهما : أن العادة جارية بأن الخياط يعمل في الثوب ما أذن له فيه ، ولا يقصد خلافه وإن جرى غير ذلك فنادر فصارت العادة مصدقة لقول الخياط دون رب الثوب . والثاني : أن الخياط لما صدق على الإذن المبيح لتصرفه صار مؤتمنا ، فلم يقبل ادعاء رب الثوب عليه فيما يوجب غرما ؛ لما في ذلك من الإفضاء إلى أن لا يشاء مستأجر أن يثبت غرما ويسقط أجرا إلا ادعاء خلافا ، وهذا يدخل على الناس ضررا ، فعلى هذا يحلف
الخياط بالله تعالى : لقد أمره أن يقطعه قباء ، ولا غرم عليه .
واختلف أصحابنا
هل له الأجرة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي أنه لا أجرة له : لأن قوله إنما قبل في سقوط الغرم : لأنه منكر ، ولم يقبل قوله في الأجرة : لأنه فيها مدع ، فعلى هذا إن كانت الخيوط لرب الثوب لم يكن للخياط نقض الخياطة : لأنها آثار مستهلكة ويصير الثوب قباء مخيطا لربه ، وإن كانت الخيوط للخياط فله استرجاعها وضمان ما نقص من الثوب بأخذها إلا أن يتراضيا على دفع قيمتها .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن له الأجرة : لأنه قد صار محكوما بقبول قوله في الإذن ، فعلى هذا اختلفوا هل يستحق المسمى أو أجرة المثل على وجهين :
أحدهما : المسمى من الأجرة بتحقيق ما حكم به من قبول قوله .
[ ص: 438 ] والثاني : أجرة المثل لئلا يصير مقبول القول في العقد .