فصل : وإذا
دفع الرجل ثوبه إلى غسال فغسله ، أو إلى قصار فقصره ، أو إلى خياط فخاطه فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يذكر له أجرة معلومة .
والثاني : أن يذكر له أجرة مجهولة .
والثالث : أن يذكر له أجرة ، فإن ذكر له أجرة معلومة كقوله : اغسل هذا الثوب بدرهم ، فهذه إجارة صحيحة ، وللغسال الدرهم المسمى ، وإن ذكر له أجرة مجهولة كقوله : اغسله لأرضيك أو لأقاطعك أو لأعطيك ما شئت ، فهذه إجارة فاسدة ، وللغسال أجرة مثله : لأنه لم يبذل عمله إلا في مقابلة عوض .
وإن لم يذكر له أجرة معلومة ولا مجهولة . مثل أن يعطيه لغسال فيغسله من غير أن يذكر له أجرا صحيحا ولا فاسدا قال
الشافعي : فلا أجرة له : لأنه صار باذلا لعمله على غير بدل فلم يستحق عليه أجرا ، كما لو بذل طعامه على غير بدل لم يستحق عليه ثمنا ؛ ولأنه لو قال : أسكني دارك شهرا فأسكنه لم يستحق عليه أجرا ، فكذلك إذا قال : اغسل ثوبي فغسله . وقال أبو إبراهيم
المزني : له الأجرة : لأن رب الثوب قد صار مستهلكا لعمله في ملكه فصار كالغاصب ، وهذا يفسد بباذل الطعام ودافع الدار .
وقال
أبو إسحاق المروزي : إن كان رب الثوب سأل الغسال مبتدئا فقال : اغسل ثوبي هذا فله الأجرة ، وإن كان الغسال طلبه مبتدئا من ربه فقال : أعطني ثوبك لأغسله فلا أجرة له .
وقال
أبو العباس بن سريج : إن كان الغسال معروفا أن يغسل بأجر فله الأجرة ، وإن كان غير معروف بذلك فلا أجرة له ، وكل هذه المذاهب فاسدة بباذل الطعام ودافع الدار ؛ حيث لم يقع الفرق بين أن يكون سائلا ، أو مسئولا ومعروفا بالمعاوضة أو غير معروف .