فإذا تقرر وجوبها فالكلام فيها يقع في ثلاثة فصول :
أحدها : محل النية
والثاني : كيفية النية
والثالث : وقت النية
وأما الفصل الأول : وهو
محل النية وهو القلب ، ولذلك سميت به ، لأنها تفعل بأنأى عضو في الجسد ، وهو القلب وإذا كان ذلك كذلك فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن ينوي بقلبه ، ويلفظ بلسانه فهذا يجزئه ، وهو أكمل أحواله
والحال الثانية : أن يلفظ بلسانه ولا ينوي بقلبه فهذا لا يجزئه ، لأن محل النية الاعتقاد بالقلب : كما أن محل القراءة الذكر باللسان ، فلما كان لو عدل بالقراءة عن ذكر اللسان إلى الاعتقاد بالقلب لم يجزه وجب إذا عدل بالنية عن اعتقاد القلب إلى ذكر اللسان لا يجزئه : لعدوله بكل واحد منهما عن جارحته
والحال الثالثة : أن ينوي بقلبه ولا يتلفظ بلسانه . فمذهب
الشافعي يجزئه ، وقال
أبو عبد الله الزبيري - من أصحابنا - : لا يجزئه حتى يتلفظ بلسانه تعلقا بأن
الشافعي قال في كتاب " المناسك " : ولا يلزمه إذا أحرم بقلبه أن يذكره بلسانه وليس كالصلاة التي لا تصح إلا
[ ص: 92 ] بالنطق فتأول ذلك على وجوب النطق في النية ، وهذا فاسد ، وإنما أراد وجوب النطق بالتكبير ، ثم مما يوضح فساد هذا القول حجاجا : أن النية من أعمال القلب فلم تفتقر إلى غيره من الجوارح كما أن القراءة لما كانت من أعمال اللسان لم تفتقر إلى غيره ، من الجوارح