الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
فصل : وأما قول الشافعي : " وأبان بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته " ، وطاعة أولي الأمر واجبة لوجوب طاعته ، قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] وفي أولي الأمر ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنهم الأمراء . وهو قول ابن عباس .

والثاني : هم العلماء . وهو قول جابر .

والثالث : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهو قول مجاهد . فأوجب طاعة أولي الأمر كما أوجب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأين موضع الإبانة بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته ؟ وعن ذلك ثلاثة أجوبة :

أحدها : أن طاعة أولي الأمر من طاعة الرسول لتباينهم عنه ، وقيامهم مقامه ، فصار هو المخصوص بها دونهم .

والثاني : أن طاعة الرسول واجبة في أمور الدين والدنيا ، وطاعة أولي الأمر مختصة بأمور الدنيا دون الدين ، فتميز عنهم بوجوب الطاعة .

والثالث : أن طاعة الرسول باقية في أوامره ونواهيه إلى قيام الساعة ، وطاعة أولي الأمر مختصة بمدة حياتهم وبقاء نظرهم ، فكان هذا موضع الإبانة بينه وبينهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية