فصل : فإذا تقرر ما وصفنا أن نكاح المحرم باطل ، فمتى كان
الزوج محرما ، فوكل حلالا في العقد كان النكاح باطلا : لأنه نكاح لمحرم ، ولو كان
الزوج حلالا فوكل محرما كان النكاح باطلا : لأنه نكاح عقده محرم ، وهكذا لو كان الولي محرما ، فوكل حلالا أو كان حلالا فوكل محرما ، كان النكاح باطلا .
فأما
الحاكم إذا كان محرما لم يجز له أن يزوج مسلمة . وهل يجوز له أن يزوج كافرة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز كالمسلمة .
والثاني : لا يجوز : لأنه لا يزوجها بولاية ، وإنما يزوجها لحكم فجرى مجرى سائر أحكامه في إحرامه .
[ ص: 337 ] فأما إذا كان
الإمام محرما لم يجز له أن يتزوج ، ولا يزوج . وهل يجوز
لخلفائه من القضاة المحلين أن يزوجوا أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يجوز أن يزوجوا ، كوكلاء المحرم .
والوجه الثاني : يجوز أن يزوجوا : لعموم ولاياتهم ونفوذ أحكامهم ، فخالفوا الوكلاء ، فأما إن كان الخطيب في عقد فالنكاح جائز : لأنه قد يجوز أن يعقد بغير خطبة ، ولو كان
الشهود محرمين ، ففيه وجهان :
أحدهما - وهو قول
أبي سعيد الإصطخري - : أن النكاح باطل : لأن الشهود شرط في العقد كالولي .
والوجه الثاني - وهو مذهب
الشافعي - : أن النكاح جائز : لأن الشهود غير معنيين في النكاح ، فلم يعتبر فيهم شروط من يتعين في النكاح ، ألا ترى أن نكاح الكافرة إذا عقدناه لم يصح إلا بولي كافر وشهود مسلمين ، والله أعلم .