مسألة : قال
الشافعي : " القرن المانع للجماع : لأنها في غير معنى النساء " .
قال
الماوردي : قد مضى الكلام في
العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح وأجناسها سبعة : اثنان يختص بهما الرجل ، وهما : الجب والعنة ، واثنان تختص بهما النساء ، وهما : الرتق ، والقرن ، وثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء وهي : الجنون ، والجذام ، والبرص .
فأما
ما يختص به الرجال من العنة فله باب يأتي .
وأما الجب : فهو قطع الذكر ، فإن كان جميعه مقطوعا فلها الخيار : لأنه أدوم ضررا من العنة التي يرجى زوالها ، وإن كان بعض الذكر مقطوعا نظر في باقيه ، فإن كان لا يقدر على إيلاجه إما لضعفه أو لصغره فلها الخيار ، وإن كان يقدر على إيلاجه ففي خيارها وجهان :
أحدهما - وهو الصحيح - : أنه لا خيار لها : لأنه يجري مجرى صغر الذكر الذي لا خيار فيه .
والوجه الثاني : لها الخيار : لأنه نقص لا تكمل به الإصابة .
وأما الخصاء : وهي قطع الأنثيين مع بقاء الذكر ، ففي كونه عيبا يوجب خيارها قولان :
أحدهما : ليس بعيب ، ولا خيار لها فيه : لقدرته على الإيلاج ، وأنه ربما كان أمتع إصابة .
والقول الثاني : أنه عيب ، ولها الخيار : لأنه نقص يعدم معه النسل .
ولو كان خنثى له فرج زائد ، أو كانت خنثى لها ذكر زائد ، ففي كونه عيبا يوجب الخيار قولان :
أحدهما : ليس بعيب : لأنها زيادة عضو ، فأشبه الإصبع الزائدة .
والثاني : أنه عيب : لأنه نقص يعاف .
فأما
ما تختص به المرأة من القرن والرتق :
فالقرن : هو عظم يعترض الرحم يمنع من الإصابة ، والرتق : لحم يسد مدخل الذكر فلا تمكن معه الإصابة ، وله الخيار فيهما ، ولا يمكنها شق القرن ، ويمكنها شق الرتق إلا أنها لا
[ ص: 341 ] تخير بشقه : لأنه جناية عليها ، فإن شقته بعد فسخ الزوج لم يؤثر بعد وقوع الفسخ ، وإن شقته قبل فسخه ففي خيار الزوج وجهان :
أحدهما : له الخيار اعتبارا بالابتداء .
والثاني : لا خيار له اعتبارا بالانتهاء .
فأما الإفضاء : وهو أن ينخرق الحاجز الذي بين مدخل الذكر ومخرج البول فتصير مغطاة ، فلا خيار فيه : لإمكان الإصابة التامة معه .
فلو كانت عاقرا لا تلد ، أو كان الزوج عقيما لا يولد له فلا خيار فيه لواحد منهما : لأنه مظنون ، وربما زال بتنقل الأمنين .
فأما العفلاء : ففي العفلة ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه لحم مستدير ينبت في الرحم بعد ذهاب العذرة ، ولا ينبت مع البكارة . وهذا قول
أبي عمرو الشيباني .
والتأويل الثاني : أنه ورم يكون في اللحمة التي في قبل المرأة ، يضيق به فرجها حتى لا ينفذ فيه الذكر .
والتأويل الثالث : أنه مبادئ الرتق ، وهو لحم يزيد في الفرج حتى يصير رتقا ، فيسد به الفرج فلا ينفذ فيه الذكر ، فإن كان العقل يكمل معه الاستمتاع التام ، فلا خيار فيه ، وإن لم يكمل معه الاستمتاع : لضيق الفرج أو انسداده حتى لا يمكن إيلاج الذكر ، ففيه الخيار .