فصل : [ القول في فساد المهر لجهالته ]
فإذا ثبت صحة
النكاح بجهالة المهر وتحريمه ، فالمهر باطل بالجهالة ، وكل جهالة منعت من صحة البيع منعت من صحة المهر .
وقال
أبو حنيفة :
إذا أصدقها عبدا غير معين ولا موصوف ، جاز ، وكان لها عبد سندي : لأن الرومي أعلى ، والزنجي أدنى ، والسندي وسط ، فيحكم لها به : لأنه أوسط العبيد .
احتجاجا بأن المهر أحد عوض النكاح ، فجاز أن يكون مجهولا كالبضع .
قال : ولأن جهالة مهر المثل أكثر من جهالة العبد : لأن مهر المثل مجهول الجنس ، مجهول القدر ، مجهول الصفة ، والعبد معلوم الجنس معلوم القدر ، مجهول الصفة . فإذا جاز أن يجب فيه عندكم مهر المثل فلأن يجب العبد المسمى أولى .
ودليلنا أنها جهالة تمنع صحة البيع فوجب أن تمنع صحة الصداق ، أصله : إذا أصدقها ثوبا وافقنا
أبو حنيفة على فساد الصداق بإطلاقه ، ولأنه عوض في عقد يبطل بجهالة الثوب ، فوجب أن يبطل بجهالة العبد كالبيع .
فأما الجواب عن قياسه على جهالة البضع فهو أن جهالة البضع تمنع من الصحة ، ألا ترى أنه لو كان له ثلاث بنات : كبرى وصغرى ووسطى ، وقال زوجتك بنتي وأطلق ، كان باطلا ، ولم يجز أن يحمل على الوسطى كما لا يجوز أن يحمل على الكبرى والصغرى ، كذلك إذا أصدقها عبدا ، وأطلق ، لم يجز أن يحمل على عبد وسط ، كما لا يجوز أن يحمل على أعلى وأدنى .
وأما ما استشهد به من
جهالة مهر المثل ، فيفسد بجهالة الثوب ، ومهر المثل إنما أوجبناه : لأنه قيمة متلف يجوز مثله في البيع إذا وجبت فيه قيمة متلف ، وإن جهلت .
[ ص: 396 ]