فصل : وأما القسم الثاني في الأصل وهو أن يختلف لفظهما في عقد النكاح فهذا على ستة أقسام :
أحدها : أن
تسأله بصريح الطلاق فيجيبها بكناية ، مثل أن تقول له : طلقني بألف ، فيقول لها : قد أبنتك أو حرمتك ، فإن لم يرد به الطلاق ، فلا خلع ، وإن أراد به الطلاق ففيه وجهان :
أحدهما ، وهو قول
أبي علي بن خيران : لا يقع الطلاق ، لأنها سألته صريح الطلاق فعدل عنه إلى كنايته فلم يصر مجيبا إلى ما سألت .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أن الطلاق واقع ، وله الألف لأن كناية الطلاق مع النية يقوم مقام صريح الطلاق بغير نية .
والقسم الثاني : أن
تسأله بصريح الطلاق فيجيبها بالخلع ، كأنها قالت له : طلقني بألف فقال : قد خالعتك بألف .
فإن قيل : إن لفظ الخلع صريح في الطلاق فقد وقعت الفرقة واستحق البدل وصار كما لو أجابها بصريح عن صريح .
وإن قيل : إن الخلع كناية ، فهو على ما مضى من إجابته عن الصريح بالكناية .
وإن قيل : إن الخلع فسخ ، وعليه التفريع فيما نذكره من الأقسام كلها ليصح أن يكون مميزا بحكم مخصوص فعلى هذا في وقوع الفرقة به وجهان :
أحدهما : أن الفرقة قد وقعت ، لأن كلا اللفظين صريح في الفرقة .
والوجه الثاني : لا تقع به الفرقة ، ولا يكون جوابا إلى ما سألت ، لأنها سألته طلاقا ينقضي به ما ملكه عليها من عدد الطلاق فأجابها إلى فسخ لا ينقضي به عدد الطلاق ، فصار مجيبا إلى غير ما سألت ، فلم تقع به الفرقة ، ولم يستحق به البدل .
[ ص: 35 ] والقسم الثالث : أن
تسأله بكناية الطلاق فيجيبها بصريحه ، كأنها قالت له : أبني بألف ، فقال : قد طلقتك بها ، فإنها تسأل عن إرادتها دونه فإن أرادت الطلاق وقع الطلاق وله الألف ، لأن الصريح أقوى من الكناية ، وإن لم ترد الزوجة بالكناية الطلاق لم يقع الطلاق لعدم الشرط ولم يستحق البدل .
والقسم الرابع :
تسأله بكناية الطلاق فيجيبها بالخلع كأنها قالت : أبني بألف ، فقال لها : قد خلعتك بها فإنها تسأل عن إرادتها بالكناية فإن لم ترد الطلاق ، فلا خلع ، وإن أرادت الطلاق ففي وقوع الفرقة بلفظ الخلع وجهان إذا قيل : إن الخلع فسخ كما لو سألته بصريح الطلاق فأجابها بالخلع .
والقسم الخامس :
أن تسأله بالخلع فيجيبها بصريح الطلاق ، كأنها قالت له : اخلعني بألف ، فقال لها : أنت طالق بألف ، فالطلاق هاهنا واقع ، والألف مستحقة ، لأنها سألته بالخلع فرقة لا ينقص بها عدد الطلاق ، فأجابها بالطلاق الذي تقع به الفرقة وينقص بها عدد الطلاق فصار ما أجابها إليه أكثر مما سألته منه ، وخالف سؤالها للطلاق فيجيبها بالخلع ، لأن الخلع انقضى فلم يصر مجيبا إلى ما سألت .
والقسم السادس :
أن تسأله بالخلع فيجيبها بكناية الطلاق كأنها قالت له : اخلعني بألف ، فقال لها : قد أبنتك بها ، فيسأل عن إرادته فإنه لا يخلو من ثلاثة أحوال :
أحدها : ألا يريد به الطلاق فيصير بالنية طلاقا ، فيقع الطلاق وتستحق الألف ، ويصير كأنها
سألته الخلع ، فأجابها بالطلاق فيقع ، لأنه أغلظ .
والحال الثانية : أن يريد به فسخ الخلع فقد اختلف أصحابنا في كنايات الطلاق هل يصح أن يكون كناية في فسخ الخلع أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يصح ، لأن الفسخ لا يتعلق بالصفة ، فلم يصح بالكناية ، فعلى هذا لا فرقة ولا بذل .
والوجه الثاني : أنه يصح ، ويكون كناية في الفسخ ، كما كان كناية في الطلاق ، فعلى هذا لو سألته بصريح الفسخ فأجابها بكناية فيكون وقوع الفرقة به على وجهين ، كما لو سألته بصريح الطلاق فأجابها بكناية .
والحال الثالثة : ألا يريد به طلاقا ولا فسخا فلا تقع به الفرقة ولا يتعلق به حكم والله أعلم .