فصل : فإذا ثبت أنها تصير مسلمة بإسلام الأبوين جاز
عتقها وهي صغيرة . وقال
أحمد : لا يجوز عتقها إلا بعد بلوغها .
وقال
مالك : لا يجوز عتقها إلا بعد أن تصلي وتصوم، بعد البلوغ، واستدل
أحمد بأمرين :
أحدهما : أنه لما لم يقبل في دية الجنين إلا بالغ، لم يعتق في الكفارة إلا بالغ .
والثاني : أن الصغر كالزمانة لاستيلاء العجز عليه، وعتق الزمن لا يجزئ في الكفارة، كذلك عتق الصغير .
وأما
مالك : فاستدل بأن إسلامه قبل الصلاة والصيام مظنون وبعده متحقق ودليلنا : عموم قوله تعالى :
فتحرير رقبة ولم يفرق، ولأنها رقبة مسلمة سليمة فجاز عتقها كالكبيرة، ولأن عتق الصغير أطول في الحرية مقاما فكانت بالعتق أولى أن يفك من أسر الرق من الكبير فكانت بالعتق في الكفارة أولى، ولأن عتق الكفارة مواساة، والصغير أحق بالمواساة من الكبير .
وأما الجواب عن الاستدلال بدية الجنين فمن وجهين : ظاهر ومعنى :
أما الظاهر : فهو أن الشرع فرق بينهما في إطلاق الرقبة في الكفارة، وتقييده في الدية بغرة عبد أو أمة .
[ ص: 467 ] وأما المعنى : فهو أنها في الدية قيمة متلف، فلم يجز إلا أن تكون معلومة، وفي الكفارة مواساة فجاز أن تكون مجهولة .
وأما الجواب عن قولهم : إن الصغر كالزمانة، فهو أن نقص الزمانة لا يزول، ونقص الصغر يزول .
وأما الجواب عن قول
مالك إن إسلامها مجهول مظنون فهو أن إسلام الصائم المصلي مظنون لجواز أن يبطن الردة ، وعلى أنه وإن كان مظنونا فهو يساوي المتيقن في القصاص إذا قتله مسلم فكذلك في الكفارة .