الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " أو خرساء جبلية تعقل الإشارة بالإيمان أجزأته، وأحب إلي أن لا يعتقها إلا أن تتكلم بالإيمان " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأما الأخرس إذا حكم بإيمانه تبعا لأحد أبويه فعتقه في الكفارة جائز ولا يمنع خرسه من إجزاء عتقه لأنه عيب لا يضر بالعمل إضرارا بينا . وكذلك الأصم فإن اجتمع الخرس والصم لم يجز في عتق الكفارة لأن اجتماعهما مضر بالعمل إضرارا بينا . فأما الخرساء الجبلية التي لم تتبع أحد أبويها في الإسلام فإذا وصفت الإسلام بالإشارة بعد البلوغ، وكانت مفهومة الإشارة صح إسلامها وأجزأ عتقها ؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختبر إسلام السوداء بالإشارة ، ولأن إشارة الخرساء في سائر الأحكام تقوم مقام النطق فكذلك في الإسلام .

                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر أن إسلامها معتبر بالإشارة فقد نقل المزني أنه إذا أعتقها بعد الإشارة بالإسلام أجزأته .

                                                                                                                                            وروى الربيع في كتاب " الأم " إذا أشارت بالإسلام، وصلت جاز عتقها، فاختلف أصحابنا فيما رواه الربيع من صلاتها بعد الإشارة هل يكون شرطا في جواز العتق أم لا على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها توكيد وليست شرطا على ما نقله المزني ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتصر من الأعجمية على الإشارة بالإسلام دون الصلاة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن صلاة الأخرس شرط في صحة إسلامه بالإشارة، وحمل إطلاق المزني على تفسير الربيع ؛ لأن الإشارة استدلال يختص بالأخرس ، والصلاة اشترك فيها الناطق والأخرس، فإذا أمكن اختبار إسلامه بما يشتركان فيه لم يجز الاختصار على ما يختص به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية