مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " أو خرساء جبلية تعقل الإشارة بالإيمان أجزأته، وأحب إلي أن لا يعتقها إلا أن تتكلم بالإيمان " .
قال
الماوردي : وأما
الأخرس إذا حكم بإيمانه تبعا لأحد أبويه فعتقه في الكفارة جائز ولا يمنع خرسه من إجزاء عتقه لأنه عيب لا يضر بالعمل إضرارا بينا . وكذلك الأصم فإن اجتمع الخرس والصم لم يجز في عتق الكفارة لأن اجتماعهما مضر بالعمل إضرارا بينا . فأما الخرساء الجبلية التي لم تتبع أحد أبويها في الإسلام فإذا وصفت الإسلام بالإشارة بعد البلوغ، وكانت مفهومة الإشارة صح إسلامها وأجزأ عتقها ؛ لحديث
أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
اختبر إسلام السوداء بالإشارة ، ولأن إشارة الخرساء في سائر الأحكام تقوم مقام النطق فكذلك في الإسلام .
فصل : فإذا تقرر أن إسلامها معتبر بالإشارة فقد نقل
المزني أنه إذا أعتقها بعد الإشارة بالإسلام أجزأته .
وروى
الربيع في كتاب " الأم " إذا أشارت بالإسلام، وصلت جاز عتقها، فاختلف أصحابنا فيما رواه
الربيع من صلاتها بعد الإشارة هل يكون شرطا في جواز العتق أم لا على وجهين :
أحدهما : أنها توكيد وليست شرطا على ما نقله
المزني ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتصر من الأعجمية على الإشارة بالإسلام دون الصلاة .
والوجه الثاني : أن
صلاة الأخرس شرط في صحة إسلامه بالإشارة، وحمل إطلاق
المزني على تفسير
الربيع ؛ لأن الإشارة استدلال يختص بالأخرس ، والصلاة اشترك فيها الناطق والأخرس، فإذا أمكن اختبار إسلامه بما يشتركان فيه لم يجز الاختصار على ما يختص به .