فصل : وأما
الممسوح فهو المقطوع الذكر المسلوب الأنثيين فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون مخرج المني ملتحما ، فهذا غير قادر على الإيلاج لجب ذكره وغير قادر على الإنزال لالتحام مخرجه فلا يلحق به الولد لعدم مائه ، وقد قال الله تعالى :
وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا [ الفرقان : 54 ] . فإذا عدم الماء استحال الولد ، فإن طلق لم تعتد منه لعدم دخوله ، وإن مات اعتدت منه بالشهور دون الحمل كالصبي . والضرب الثاني : أن يكون مخرج المني مفتوحا ، فقد اختلف أصحابنا في لحوق الولد به على وجهين : أحدهما : وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يلحق به ، لأن المني بسل الأنثيين قد بعد ولده بجب الذكر وقد قعد . والوجه الثاني : وهو قول
أبي سعيد الإصطخري ،
وأبي بكر الصيرفي ،
وأبي عبيدة بن حربويه أنه يلحق به الولد ، لأن إنزاله من الظهور مجوز ، وإن كان مستبعدا والولد يلحق بالإمكان والجواز ، وقد حكي أن
أبا عبيدة بن حربويه من أصحابنا قلد قضاء
مصر فقضى في مثل هذا بلحوق الولد فحمله الخصي على كتفه ، وطاف به في الأسواق وقال : انظروا هذا القاضي يلحق أولاد الزنا بالخدم . فأما إن بقي إحدى أنثيي المجبوب لحق به الولد وجها واحدا سواء كانت يمنى أو يسرى . وقال بعض أصحابنا : إن بقيت اليسرى لحق به الولد ، وإن بقيت اليمنى لم يلحق به ، لأن اليسرى للمني ، واليمنى لشعر اللحية وهذا خطأ ؛ لأنه من قول الطب ولا يعول عليهم في أحكام الشرع ، وقد وجد في إنسان ذو خصية واحدة وكان ذا لحية وأولاد ، فإن كانت يمنى فقد ولد له ، وإن كانت يسرى فقد نبتت له لحية فعلم فساد هذا القول . فإن قلنا : إن الولد لا يلحق به لم تنقض به العدة ولم يلزم إلا في الوفاة دون الطلاق بأربعة أشهر وعشر . وإن قلنا : إنه يلحق به انقضت عدتها في الوفاة بوضعه ولم يلزمها في الطلاق عدة إلا أن تكون حاملا فيجري عليها حكم العدة في المنع من الأزواج حتى تضع - والله أعلم - .