فصل : فإذا تقرر ما وصفنا
فعدة الوفاة واجبة على كل زوجة من صغيرة ، أو كبيرة ، عاقلة أو مجنونة ، مدخول بها وغير مدخول بها ، وحكي عن
ابن عباس أنها لا تجب على غير المدخول بها كالطلاق ، وهذا قول تفرد به ، وقد خالفه فيه سائر الصحابة . والدليل عليه ما تقتضيه عموم الآية أنها لما استكملت المهر بالموت كالدخول اقتضى أن تجب به العدة كالدخول ؛ ولأن غاية النكاح استيعاب زمانه بالموت فلم يجز أن يسلب حكم كماله بسقوط العدة كما لم يسلب استحقاق الميراث .
والفرق بين الموت والطلاق من وجهين : أحدهما : تمسك الميت بعصمتها وقطع المطلق لها فلزم من حقه بعد الموت ما لم يلزم من حقه بعد الطلاق . والثاني : أن المطلق حي يستظهر لنفسه أن ألحق به نسب أو نفي عنه فكانت العدة في حقه مقصورة على الاستبراء ، وليس مع عدم الدخول استبراء ، وذلك معدوم من جهة الميت فاستظهر الله تعالى له بوجوب العدة في حقه تعبدا فلم يعتبر فيه الدخول .