فصل : والمسألة الثالثة في المسلمة والذمية . فأما المسلمة فقد ذكرنا وجوب الإحداد عليها في العدة . وأما
الذمية فهي في وجوب العدة والإحداد كالمسلمة .
[ ص: 284 ] وقال
أبو حنيفة : إن كان زوجها مسلما فعليها العدة وليس عليها الإحداد ، وإن كان زوجها ذميا فلا عدة ولا حداد . وقال
أبو يوسف ،
ومحمد : عليها العدة منهما ولا إحداد عليها منهما استدلالا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924301لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا فلما خص المؤمنة بالذكر دل على اختصاصها بالحكم : ولأنها عبادة محضة فسقطت بالكفر كسائر العبادات : ولأنها لما أقرت على ترك الإيمان كان إقرارها على ترك الإحداد أولى . ودليلنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924310المتوفى زوجها لا تلبس المعصفر ولا الممشق ولا الحلي ولا تكتحل ولا تختضب ولم يفرق بين المسلمة والذمية فدل على اشتراكهما فيه : ولأنها بائن بالوفاة فوجب أن تلزمها العدة والإحداد كالمسلمة ؛ ولأن الإحداد إما أن يكون لرعاية الحرمة وإما لحفظ الشهوة ، وإن كانت الذمية أقل رعاية للحرمة فهي أقوى شهوة لقلة المراقبة ، فكانت بالإحداد أولى من المسلمة . فأما الخبر فلم يذكر الإيمان فيه شرطا ، وإنما ذكره تنبيها على الأدنى ، وكما قال تعالى :
إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها [ الأحزاب : 49 ] فلم يكن ذكر الإيمان فيهن شرطا ، وكان تنبيها يستوي فيه من آمن ومن كفر . والجواب عن قولهم : إنه تعبد ، فهو أن التعبد ما اقترن به حق الزوج جاز أن يؤخذ به وإن لم يؤخذ بحقوق الله تعالى المحضة ، والله أعلم .