مسألة : قال
الشافعي : "
ولا يحد إلا بأن يقول : شربت الخمر . أو يشهد عليه به ، أو يقول : شربت ما يسكر . أو يشرب من إناء هو ونفر فيسكر بعضهم ، فيدل على أن الشراب مسكر . واحتج بأن
علي بن أبي طالب قال : لا أوتى بأحد شرب خمرا أو نبيذا مسكرا إلا جلدته الحد " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح إذا ثبت وجوب
الحد في شرب كل مسكر من خمر أو نبيذ ، فثبوت شربه للمسكر يكون بأربعة أوجه ، ذكرها
الشافعي هاهنا :
أحدها : أن يعترف بشرب المسكر ، فيلزمه حكم اعترافه .
والثاني : يشهد عليه شاهدان أنه شرب المسكر ، فيحكم عليه بالشهادة ، ولا يلزم سؤال الشاهدين عن وصفهما للشهادة في شرب المسكر ، وإن لزم شهود الزنا سؤالهم عن صفة الزنا ، للفرق بينهما بأن الزنا ينطلق على ما يوجب الحد وما لا يوجبه ، والشرب المسكر لا ينطلق على ما لا يوجب الحد .
والثالث : أن يشرب شرابا يسكر منه ، فيعلم أنه شرب مسكرا .
والرابع : أن يشرب هو وجماعة من شراب يسكر منه بعضهم ، فيعلم بسكر بعضهم أن جميعهم شرب مسكرا . فإذا ثبت شربه للمسكر بأحد هذه الوجوه الأربعة ، كان وجوب حده بعد شربه معتبرا بأربعة شروط :
أحدها : أن يعلم أن الشراب مسكر ، فإن لم يعلم فلا حد عليه .
والثاني : أن يشربه مختارا ، فإن أكره على شربه فلا حد عليه .
والثالث : أن يكون عالما بتحريم المسكر ، فإن لم يعلم به لقرب عهده بالإسلام ، فلا حد عليه .
والرابع : ألا تدعوه ضرورة إلى شربه ، فإن اضطر إليه ، لشدة عطش ، أو تداوي مرض ، لا يوجد الطب من شربه بدا فلا حد عليه ، وإن كان شربه في هاتين الحالتين
[ ص: 409 ] مختلفا فيه . فإذا استكملت فيه هذه الشروط الأربعة وجب عليه الحد .