فصل :
وأما الحكم الثاني في
حدوث التلف عنه فهو مضمون على الإمام ، سواء استوفاه في حقوق الله تعالى ، أو في حقوق العباد .
وقال
أبو حنيفة : لا يضمنه في الحالين ، سواء أوجبه أو أباحه كالحدود : لحدوثه عن تأديب مستحق .
ودليلنا : قضية
عمر رضي الله عنه في إجهاض المرأة جنينها حين بعث إليها رسولا
[ ص: 428 ] أرهبها ، فشاور
عثمان وعبد الرحمن فقالا : لا شيء عليك ، إنما أنت معلم . فشاور
عليا عليه السلام وقال : إن كان صاحباك ما اجتهدا فقد غشا ، وإن كان قد اجتهدا فقد أخطآ ، عليك الدية . فقال
عمر لعلي : عزمت عليك ألا تبرح حتى تضربها على قومك . فكان سكوت
عثمان وعبد الرحمن عن الجواب رجوعا منهما إلى قول
علي ، فصار ذلك إجماعا من جميعهم .
ويدل عليه قول
علي بن أبي طالب : ما أحد يموت في حد يقام عليه فأجد في نفسي من ذلك شيئا ، إلا شارب الخمر فإنه شيء رأيناه ، فإن مات فديته في بيت مال المسلمين . أو قال : على عاقلة الإمام . فدل على أن
التعزير مضمون : ولأن التعزير لما نقص عن قدر الحدود خالف حكمها في الضمان ، كضرب الأب والمعلم ، فإذا ضمن الإمام دية التالف بالتعزير ، فقد ذكرنا في محلها قولين :
أحدهما : على عاقلة الإمام ، وتكون الكفارة في ماله .
والثاني : في بيت المال ، وفي الكفارة وجهان :
أحدهما : في ماله .
والثاني : في بيت المال .