فصل :
فإذا ثبت
سقوط الضمان في تلف المدفوع من آدمي وبهيمة ، فالكلام فيه يشتمل على بيان أربعة أحكام :
أحدها :
صفة الحال التي يجوز فيها الدفع : وهو أن يكون الطالب قادرا على
[ ص: 454 ] المطلوب يصل إليه إذا أراده ، فأما إن كان عاجزا عنه فليس للمطلوب أن يدفع : لأنه لا تأثير للطلب ، والعجز يكون من وجهين :
أحدهما : خوف السلطان من المجاهرة بالطلب فيستخفي توقعا لاختلاسه ، فليس للمطلوب الدفع ويكله إلى السلطان فيما يخافه من اختلاسه .
والثاني : أن يعجز عنه لامتناعه منه بحصن يأوي إليه أو جبل يرقاه أو عشيرة ينضم إليها ، فليس له الدفع : لأنه مدفوع عنه . فإن كان بينهما نهر مانع نظر فيه ، فإن كان واسعا لا تصل إليه سهامه إلا بالعبور إليه كدجلة والفرات ، لم يتعرض لدفعه ما لم يعبر إليه إذا لم يقدر المطلوب أن يبعد عن سهام الطالب ، فإن قدر على البعد منها من غير مشقة كف عنه وبعد منه .