فصل : وإذا تقرر توجيه القولين فأول زمان تحريم
الكلام إذا ابتدأ الإمام بالخطبة ، بخلاف الركوع الذي يحرم عند ظهور الإمام .
[ ص: 432 ] وقال
أبو حنيفة : يحرم الكلام عند ظهور الإمام كالركوع .
قال : لأن الصلاة قربة وطاعة ، والكلام ليس بقربة ولا طاعة ، فإذا حرم الركوع عند ظهور الإمام على المنبر كان تحريم الكلام عند ظهوره أولى .
ودليلنا : إجماع الصحابة ، رضي الله عنهم ، المنقول من وجهين : قول وفعل أما الفعل : فما روي عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، أنهم كانوا يركعون حتى يصعد
عمر ، رضي الله عنه ، المنبر ، فإذا صعد قطعوا الركوع ، ويتكلمون حتى يبتدئ بالخطبة فإذا ابتدأ بها قطعوا الكلام .
وأما القول : فما روي عنهم ، رضي الله عنهم ، أنهم قالوا : إذا أخذ الإمام في الكلام حرم الكلام ، ولأن الركوع لا يمكن قطعه مع الخطبة إلا بعد تمامه ، فقدم تحريم الركوع ليكون ما بين ظهور الإمام وخطبته زمان تمام الركوع ، والكلام يمكن قطعه مع الخطبة ، فلم يفتقر تحريمه إلى زمان يتقدم الخطبة .
ولا فرق في تحريم الكلام بين القريب والبعيد ، والأصم والسميع ، كلهم في الإنصات سواء ، وروي عن
عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، أنه خطب فقال : أنصتوا فإن حظ المنصت الذي لم يسمع كحظ المنصت السامع والله أعلم .