مسألة : قال
الشافعي : " ولو نذر عتق رقبة ، فأي رقبة أعتق أجزأه " .
قال
الماوردي : أما إذا
نذر عتق رقبة معينة ، وجب عليه عتقها بنذره ، ولا يجوز أن يعدل عنها إلى عتق غيرها ، وإن كانت أفضل منها ، وسواء أجزأت في الكفارة ، أو لم تجز ، لأن العتق حق قد تعين لها بالنذر ، ولا يجوز له بيعها بعد وجود شرط النذر ، ويجوز له بيعها قبل وجود الشرط كقوله : إن شفى الله مريضي ، فلله علي أن أعتق عبدي سالما ، فله بيعه قبل شفاء مريضه ، لأن عتقه لم يجب ، ويسقط النذر إن شفي مريضه ، لخروجه عن ملكه ولا يلزمه عتق غيره ، ولا يجوز له بيعه ، بعد شفاء مريضه ، لوجوب عتقه ، وإن باعه بطل بيعه .
فأما إذا أطلق النذر ولم يعينه ، وقال : " لله علي أن أعتق رقبة " ففيه وجهان :
أحدهما : يجزئه عتق أي رقبة شاء مما يجزئ في الكفارة ، أو لا يجزئ ، وهو
[ ص: 504 ] المنصوص عليه هاهنا لأن اسم الرقبة ، ينطلق عليها مع اختلاف أحوالها ، فروعي ما انطلق عليه الاسم .
والوجه الثاني : أن عليه أن يعتق ما يجزئ ، في الكفارة فتكون مؤمنة سليمة من العيوب المضرة بالعمل إضرارا بينا ، ولا يجزئ عتق كافرة ، ولا ذات عيب يضر بالعمل ، لأن النذر محمول على عرف الشرع ، وتأول قائل هذا الوجه قول
الشافعي : " فأي رقبة أعتق أجزاه " يعني : من صغيرة وكبيرة ، لأن عتق الصغيرة والكبيرة في الكفارات سواء .
وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قوليه فيمن نذر الهدي ، هل يجزئ فيه ما أطلق عليه الاسم ، أو ما استقر عليه عرف الشرع ، وعلى اختلاف القولين في نذر الصلاة هل يجزئ فيه أقل مفروضاتها ، أو الأقل من جميعها ؟