[ القول في أحكام النسخ ] .
فأما القسم الثالث في أحكام النسخ : فهو على خمسة أضرب .
أحدها : ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ، والناسخ باقي الحكم والتلاوة ، كنسخ العدة حولا بأربعة أشهر وعشر وكنسخ آية الوصايا بآية المواريث .
والضرب الثاني : ما نسخ حكمه وتلاوته والناسخ باقي الحكم كنسخ صيام الأيام البيض بصيام شهر رمضان ونسخ استقبال
بيت المقدس باستقبال الكعبة كما قال
ابن عباس : " أول ما نسخ باب الصيام الأول واستقبال
بيت المقدس " .
والضرب الثالث : ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته ونسخت تلاوة الناسخ وبقي حكمه : كقوله في حد الزنا
واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا [ النساء : 15 ] . نسخه
nindex.php?page=hadith&LINKID=925495قوله " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله " قال عمر : كنا نقرؤها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولولا أن يقال : زاد عمر في المصحف لأثبتها فيه فكان المنسوخ مرفوع الحكم باقي التلاوة والناسخ مرفوع التلاوة باقي الحكم .
فإن قيل فكيف يجوز أن يكون المنسوخ ناسخا ؟ ففيه جوابان :
أحدهما : أن النسخ إنما كان للحكم دون التلاوة والحكم باق وإن نسخت التلاوة .
والثاني : يجوز أن يكون النسخ به قبل نسخ تلاوته .
والضرب الرابع : ما نسخ حكمه وتلاوته ولا يعلم الذي نسخه كالمروي أنه كان في القرآن " لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى إليه ثانيا ولو كان له ثان لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " وكالذي رواه
أنس بن مالك أنهم كانوا يقرءون " بلغوا إخواننا أننا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا " ومثل هذا
[ ص: 80 ] يكون رافعا له في المعنى ولا يكون نسخا في الحكم كالذي روي
أن رجلا قام في الليل ليقرأ سورة فلم يقدر عليها وقام آخر ليقرأها فلم يقدر عليها فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال " رفعت البارحة " .