[ ص: 513 ] باب
صلاة الاستسقاء .
قال
الشافعي رحمه الله تعالى : " ويستسقي الإمام حيث يصلي العيد ويخرج متنظفا بالماء وما يقطع تغير الرائحة من سواك وغيره في ثياب تواضع وفي استكانة وما أحببته للإمام من هذا أحببته للناس كافة ، ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج في الجمعة والعيدين بأحسن هيئة وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=921878أنه صلى الله عليه وسلم خرج في الاستسقاء متواضعا وقال : أحسب الذي رواه متبذلا .
قال
الماوردي :
الأصل في الاستسقاء قوله تعالى :
وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد [ الشورى : 42 ] . وقال تعالى :
وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا [ البقرة : 60 ] . وقال في موضع آخر
فانبجست منه [ الأعراف : 160 ] فقد قيل : إن الانبجاس أضيق من الانفجار . وقال تعالى :
استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا [ نوح : 10 ، 11 ] . وروي :
أجدبوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من اليهود : إن بني إسرائيل أجدبوا فسألوا موسى أن يستسقي لهم فسقوا ، فلو سألتم صاحبكم فدعا لكم استجيب له . فقالوا : يا رسول الله ، إنك ترى الجدب وما نزل بنا ، فادع الله لنا ، فقال صلى الله عليه وسلم : أما إني كنت أردت السنة ، يعني الجدب ، لأن أستنصر به على أهل نجد ، فأما إذا أبيتم فسأفعل . فاستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقوا كأفواه العزالي وروى
شريك بن أبي نمر عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921880بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب للجمعة إذ قام رجل فقال : هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله تعالى لنا ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة ، فقام رجل فقال تهدمت البيوت ، وتقطعت السبل فادع الله تعالى لنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على رءوس الجبال [ ص: 514 ] والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فانجاب كانجياب الثوب وروى
أبو مسلم الملائي عن
أنس بن مالك قال :
أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يثب ولا صبي يصيح ثم أنشد :
أتيناك والعذر يدمى لبانها وقد شغلت أم الصبي عن الطفل ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
سوى الحنظل العامي والعلهز الغسل وليس لنا إلا إليك فرارنا
وأي فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، سحا طبقا غير رائث تنبت به الزرع ، وتملأ به الضرع ، وتحيي به الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون . فما استتم الدعاء حتى ألقت السماء بأبراقها ، فجاء أهل البادية فقالوا : يا رسول الله ، الغرق . فقال صلى الله عليه وسلم : حوالينا ولا علينا . فانجاب السحاب عن المدينة كالإكليل ، وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال : لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من الذي ينشدنا شعره . فقام علي بن أبي طالب فقال : يا رسول الله كأنك أردت قوله .
:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل
كذبتم وبيت الله يبزي محمدا ولما نقاتل دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل
فقام رجل من كنانة فأنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك :
لله الحمد والحمد من شكر سقينا بوجه النبي المطر
دعا الله خالقه دعوة وأشخص معها إليه البصر
فلم يك إلا كإلغاه الرواء وأسرع حتى رأينا الدرر
رقاق العوالي جم العنان أغاث به الله عليا مضر
وكان كما قاله عمه أبو طالب أبيض ذو غرر
به الله يسقي صوب الغمام وهذا العيان لذاك الخبر
[ ص: 515 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن يكن شاعر يحسن فقد أحسنت .
وروي أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يستسقي
بالعباس فقال : اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم وبقية آبائه وكبر رجاله فاحفظ اللهم نبيك صلى الله عليه وسلم في عمه ، فقد دنونا إليك مستعفين إليك ومستغفرين ، فقال
العباس رضي الله عنه ، وعيناه تنضجان : اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة ، فقد الضرع الصغير ودق الكبير ، وارتفعت الشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، قال : فنشأت السحاب وهطلت السماء فطبق الناس
بالعباس يمسحون أركانه ويقولون : هنيئا لك ساقي الحرمين فقال
حسان بن ثابت :
سأل الإمام وقد تتابع جدبنا فسقى الإمام بغرة العباس
عم النبي وصنو والده الذي ورث النبي بذاك دون الناس
أحيى الإله به البلاد فأصبحت مخضرة الأجناب بعد الياس