فصل : القول في
عيادة المريض وثوابها
يستحب عيادة المريض ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921911 " عائد المريض في مخرف من مخارف الخير إلى أن يعود " . [ ص: 4 ] وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921912 " من عاد مريضا شيعه سبعون ألف ملك إلى أن يعود " .
وقد
عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا وجابرا وعاد غلاما يهوديا .
ويستحب أن يعود
لعيادته جميع المرضى ، ولا يخص بها قريبا من بعيد ، ولا صديقا من عدو ليحرز بها ثواب جميعهم . وينبغي أن تكون العيادة غبا ولا يواصلها في جميع الأيام ؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" أغبوا عيادة المريض ، أو أربعوا إلا أن يكون مغلوبا " . ويكره
إطالة العيادة ؛ لما فيها من إضجار المريض ، فإن
رأى في المريض أمارات الصحة وعلامات البرء دعا له بتعجيل العافية ؛ لتقوى بذلك نفسه ، فقد عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم
سعدا ، ووعده بالعافية والعمر وإن الله سيفتح على يديه . وإن
رأى فيه علامات الموت ذكره الوصية وأمره بالتوبة ، وحثه على الخروج من المظالم ، بالرفق والكلام اللطيف ، ثم يعجل الانصراف . فإذا
قارب أن يقضي ، حضره أقوى أهله نفسا وأثبتهم عقلا ، ولقنه الشهادتين من غير عنف ولا إضجار ؛ لما روى
أبو هريرة وأبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921915 " لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله " .
وروى
معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=921916 " من كان آخر كلامه قول لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنة " . ثم
يوجهه نحو القبلة ، وفي كيفية توجهه وجهان :
أحدهما : أنه يلقى على ظهره ، وتكون رجلاه في القبلة .
والثاني : أن يضجع على شقه الأيمن مستقبلا بوجهه القبلة ،
فإذا مات تولى منه سبع خصال :
أولها :
إغماض عينيه ؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم . "
أغمض عين ابن سلمة بن عبد الأسد . وقال : " إن البصر يتبع الروح " . ولأن ذلك أحسن في كرامته وأبلغ في جمال عشرته ؛ ولأن لا يسرع إليها الفساد ، فقد قيل إنها آخر ما يخرج منه الروح وأول ما يسرع إليه الفساد .
والثاني :
أن يطبق فاه ويشد لحيه الأسفل بعصابة عريضة ويربطها من فوق رأسه ؛ لأن لا يفتح فاه فيقبح في عين الناظر إليه ، ولأن لا يلج فيه شيء من الهوام .
[ ص: 5 ] والثالث : أن
يلين مفاصله من يديه وعضديه ورجليه وفخذيه فيمدها ويردها من له رفق وسهولة ؛ لئلا تجسو فتقبح ، ولأن تبقى لينة على غاسله .
والرابع : أن
يخلع عنه ثيابه ؛ لأنه ربما خرجت منه نجاسة ، ولأنه ربما جمر فيها فتغير .
والخامس : أن
يجعله على نشز من الأرض ، وموضع مرتفع من لوح أو سرير ؛ لأن لا تسرع إليه عفونة الأرض ويبعد عن الهوام .
والسادس : أن
يسجى بثوب يغطى به جميع بدنه ؛ لأن
nindex.php?page=hadith&LINKID=921918رسول الله صلى الله عليه وسلم سجي بثوب حبرة " ، ولأن ذلك أصون لجسده ، وأبلغ في كرامته ، وينبغي أن يعطف ما فضل من طرفيه تحت رأسه ورجليه ؛ لكي لا ينكشف عنه إن هبت ريح .
والسابع : أن
يوضع على بطنه سيف أو حديدة أو طين مبلول ؛ لأن لا يربو فينفخ بطنه فيقبح .
ويختار أن
يتولى الرجال أمر الرجال ، والنساء أمر النساء ، فإن تولى خلاف ذلك من الرجال والنساء من ذوي المحارم جاز .