[ ص: 205 ] فرع :
يستحب للمؤذن
التطوع بالأذان ، فإن لم يتطوع رزقة الإمام من مال المصالح ، وهو خمس خمس الفيء والغنيمة ، وكذا أربعة أخماس الفيء ، إذا قلنا : إنها للمصالح ، وإنما يرزقه عند الحاجة ، وعلى قدرها .
ولو وجد فاسقا يتطوع وأمينا لا يتطوع ، فله أن يرزق الأمين على الصحيح .
ولو وجد أمينا يتطوع وأمينا أحسن منه صوتا لا يتطوع ، فهل يجوز أن يرزقه ؟ وجهان :
قال
ابن سريج : نعم ،
والقفال : لا .
قلت : قول
ابن سريج أصح إن رآه الإمام مصلحة ، لظهور تفاوتهما . والله أعلم .
وإذا كان في البلد مساجد ، فإن لم يمكن جمع الناس في مسجد واحد ، رزق عددا من المؤذنين ، يحصل بهم الكفاية ، ويتأدى الشعار ، وإن أمكن ، فوجهان :
أحدهما : يجمع ويرزق واحدا .
والثاني ، يرزق الجميع ، لئلا تتعطل المساجد .
قلت : هذا الثاني أصح . والله أعلم .
فلو لم يكن في بيت المال سعة ، بدأ بالأهم ، وهو رزق مؤذن الجامع وأذان صلاة الجمعة أهم من غيره ، وللإمام أن يرزق من مال نفسه ، ويجوز للواحد من الرعية ، وحينئذ ، لا حجر فيرزق كم شاء ، ومتى شاء ، وأما
الاستئجار على الأذان ، ففيه أوجه :
أصحها : يجوز للإمام من بيت المال ومن مال نفسه ، ولآحاد الناس من أهل المحلة وغيرهم من مال نفسه .
والثاني : لا يصح الاستئجار مطلقا ، والثالث : يجوز للإمام ، ومن أذن له : ولا يجوز لآحاد الناس : وإذا
[ ص: 206 ] جوزنا للإمام الاستئجار من بيت المال ، فإنما يجوز حيث يجوز الرزق خلافا ووفاقا . قال في ( التهذيب ) وإذا استأجر من بيت المال لم يفتقر إلى بيان المدة ، بل يكفي أن يقول : استأجرتك لتؤذن في هذا المسجد في أوقات الصلاة كل شهر بكذا .
ولو استأجر من مال نفسه ، أو استأجر واحد من الرعية ، ففي اشتراط بيان المدة وجهان :
قلت : أصحهما : الاشتراط . والله أعلم .
والإقامة تدخل في الاستئجار للأذان ، ولا يجوز الاستئجار للإقامة إذ لا كلفة فيها ، بخلاف الأذان ، وليست هذه الصور بصافية عن الإشكال .