الطرف الثاني : في بيان
حكم الإجارة في الأمانة والضمان . مال الإجارة ، تارة يكون في يد المستأجر ، وتارة في يد الأجير على العمل . وأما المستأجر ، ففيه مسألتان . إحداهما : يده على الدابة والدار المستأجرتين ونحوهما في مدة الإجارة يد أمانة ، فلا يضمن ما تلف منها بغير تعد وتقصير وهل
يضمن ما يتلف في يده بعد مضي المدة ؟ يبنى على أنه هل على المستأجر الرد ومؤنته ؟ وفيه وجهان . أصحهما عند
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : لا ، وإنما عليه التخلية بين المالك وبينها إذا طلب ، لأنه أمانة فأشبه الوديعة . وأقربهما إلى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - : يلزمه الرد ومؤنته وإن لم يطلب المالك ، لأنه غير مأذون في الإمساك بعد المدة ، ولأنه أخذ لمنفعة نفسه ، فأشبه المستعير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : ولو شرط عليه الرد ، لزمه بلا خلاف ، ومنعه
ابن الصباغ وقال : من لا يوجبه عليه ، ينبغي أن لا يجوز شرطه . فإن قلنا : لا يلزمه الرد ، فلا ضمان . وإن قلنا : يلزمه الرد ، لزمه الضمان ، إلا أن يكون الإمساك بعذر .
قلت : صحح
الرافعي في المحرر أنه لا ضمان . والله أعلم .
ويترتب على الوجهين ،
ضمانه أجرة المنافع التي تتلف في يده بعد المدة . فإن ألزمناه الرد ، ضمناه ، وإلا ، فلا .
[ ص: 227 ] قلت : وفي فتاوى
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، القطع بأن الإجارة إذا انفسخت بسبب ، لا يلزم المستأجر ضمان المنافع التالفة عنده ، لأنه أمين ، وهذا محمول على ما إذا علم المالك بأنها انفسخت ، وإلا ، فيجب أن يعلمه . وإذا لم يعلمه ، كان مقصرا ضامنا . والله أعلم .
ولو غصبت الدابة المستأجرة مع دواب الرفقة ، فذهب بعضهم في الطلب ، ولم يذهب المستأجر ، فإن قلنا : لا يلزمه الرد ، فلا ضمان عليه . وإن ألزمناه ، فإن استرد من ذهب بلا مشقة ولا غرامة ، ضمن المستأجر المتخلف . وإن لحقه غرامة ومشقة ، لم يضمن ، قاله الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14741أبو عاصم العبادي .
فرع
لو
استأجر قدرا مدة ليطبخ فيها ، ثم حملها بعد المدة ليردها ، فسقط الحمار فانكسرت ، قال
أبو عاصم : إن كان لا يستقل بحملها ، فلا ضمان . وإن كان يستقل ، فعليه الضمان ، سواء ألزمناه الرد ، أم لا ، لأن العادة أن القدر لا ترد بالحمار مع استقلال المستأجر أو حمال بها .