فصل
إذا
أكرى جمالا فهرب ، فتارة يهرب بها ، وتارة يهرب ويتركها عند المستأجر ، فإن هرب بها ، نظر ، فإن كانت الإجارة في الذمة ، اكترى الحاكم عليه من ماله . فإن لم يجد له
[ ص: 246 ] مالا ، اقترض عليه من بيت المال أو من المستأجر أو غيره واكترى عليه . قال في " الشامل " : ولا يجوز أن يكل أمر الاكتراء إلى المستأجر ، لأنه يصير وكيلا في حق نفسه . وإن تعذر الاكتراء عليه ، فللمستأجر الفسخ كما لو انقطع المسلم فيه عند المحل . فإن فسخ ، فالأجرة دين في ذمة الجمال وإن لم يفسخ ، فله مطالبة الجمال - إذا عاد - بما التزمه . وإن كانت إجارة عين ، فللمستأجر فسخ العقد ، كما إذا ندت الدابة . وأما إذا تركها عند المستأجر ، فإن تبرع بالإنفاق عليها ، فذاك ، وإلا ، راجع الحاكم لينفق عليها وعلى من يقوم بتعهدها من مال المؤجر إن وجده ، وإلا ، استقرض عليه كما ذكرنا ، ثم إن وثق بالمستأجر ، سلم إليه ما اقترضه لينفق عليها ، وإلا ، دفعه إلى من يثق به .
وإذا لم يجد مالا آخر ، باع منها بقدر الحاجة لينفق عليها من ثمنه ، ولا يخرج على الخلاف في بيع المستأجرة ، لأنه محل ضرورة ، ويبقى في يد المستأجر إلى انتهاء المدة . ولو لم يقترض الحاكم من المستأجر ، ولكن أذن له في الإنفاق ليرجع ، جاز على الأظهر ، كما لو اقترض منه ثم دفعه إليه . والثاني : المنع ، ويجعل متبرعا .
وعلى الأول ، لو اختلفا في قدر ما أنفق ، فالصحيح : أن القول قول المنفق . وقيل : قول الجمال .
قلت : قال أصحابنا : إنما يقبل قول المستأجر إذا ادعى نفقة مثله في العادة . والله أعلم .
ولو أنفق المستأجر بغير إذن الحاكم مع إمكانه ، لم يرجع . وإن لم يكن حاكم ، فعلى ما ذكرناه في عامل المساقاة إذا هرب . قال الإمام : ولو كان هناك حاكم ، وعسر إثبات الواقعة عنده ، فهو كما إذا لم يكن حاكم . وإذا أثبتنا الرجوع فيما إذا أنفق بغير مراجعة الحاكم ، فاختلفا في قدره ، فالقول قول الجمال ، لأن إنفاقه لم يستند إلى ائتمان من جهة الحاكم ، قال : وفيه احتمال ، لأن الشرع سلطه عليه .
[ ص: 247 ] وإذا انقضت مدة الإجارة ولم يعد الجمال ، باع الحاكم منها ما يقضي بثمنه ما اقترضه وحفظ باقيها . وإن رأى بيعها لئلا تأكل نفسها ، فعل .