صفحة جزء
فصل

إذا اكترى دابة أو دارا مدة ، وقبضها وأمسكها حتى مضت المدة ، انتهت الإجارة واستقرت الأجرة سواء انتفع بها في المدة ، أم لا ، وليس له الانتفاع بعد المدة ، فإن فعل ، لزمه أجرة المثل مع المسمى . ولو ضبضت المنفعة بالعمل دون المدة ، بأن استأجر دابة ليركبها إلى بلد ، أو ليحمل عليها إلى موضع معلوم ، وقبضها وأمسكها عنده حتى مضت مدة يمكن فيها السير إليه ، استقرت عليه الأجرة أيضا ، وسواء تخلف المستأجر لعذر أم لغيره ، حتى لو تخلف لخوف الطريق أو عدم الرفقة ، استقرت الأجرة عليه ، لأن المنافع تلفت في يده ، ولأنه يمكنه السفر عليها إلى بلد آخر واستعمالها في البلد تلك ، وليس للمستأجر فسخ العقد بهذا السبب ، ولا أن يلزم المؤجر استرداد الدابة إلى تيسر الخروج ، هذا في إجارة العين ، فإن كانت على الذمة وسلم دابة بالوصف المشروط ، فمضت المدة عند المستأجر ، استقرت الأجرة أيضا ، لتعين حقه بالتسليم وحصول التمكن . ولو كانت الإجارة فاسدة ، استقرت فيها أجرة المثل بما يستقر به المسمى في الإجارة الصحيحة ، سواء انتفع ، أم لا ، وسواء كانت أجرة المثل أقل من المسمى أو أكثر .

فرع

أجر الحر نفسه لعمل معلوم ، وسلم نفسه ، فلم يستعمله المستأجر حتى مضت [ ص: 248 ] المدة ، أو مدة يمكن فيها ذلك العمل ، استقرت الأجرة على الأصح ، ويجري الخلاف فيما إذا ألزم ذمة الحر عملا ، فسلم نفسه مدة إمكان ذلك العمل [ ولم يستعمله ، وطرد المتولي الخلاف فيما إذا التزم الحر عملا في الذمة وسلم عبده ليستعمله ] فلم يستعمله ، ووجهه بما يقتضي إثبات خلاف في كل إجارة على الذمة . ثم إن قلنا : لا تستقر ، فللأجير أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليجبره على الاستعمال .

فرع

أكرى عينا مدة ، ولم يسلمها حتى مضت المدة ، انفسخت الإجارة ، لفوات المعقود عليه ، فلو استوفى [ منفعة ] المدة ، فطريقان . أحدهما : أنه كإتلاف البائع المبيع قبل القبض . والثاني : القطع بالانفساخ . ولو أمسكها بعض المدة ، ثم سلمها ، انفسخت الإجارة في المدة التي تلفت منافعها . وفي الباقي الخلاف فيما إذا تلف بعض المبيع قبل القبض ، فإن قلنا : لا ينفسخ ، فللمستأجر الخيار ، ولا يبدل زمان بزمان . ولو لم تكن المدة مقدرة ، واستأجر دابة للركوب إلى بلد فلم يسلمها حتى مضت مدة يمكن فيها المضي إليه ، فوجهان ، أحدهما : تنفسخ الإجارة ، وهو اختيار الإمام . وأصحهما وبه قطع الأكثرون : لا تنفسخ ، لأن هذه الإجارة متعلقة بالمنفعة لا بالزمان ، ولم يتعذر استيفاؤها . فعلى هذا ، قال الأصحاب : لا خيار للمستأجر ، كما لا خيار للمشتري إذا امتنع البائع من تسليم المبيع مدة ثم سلمه . وشذ الغزالي فقال في " الوسيط " : له الخيار ، لتأخر حقه . والمعروف ، ما سبق . ولو كانت الإجارة في الذمة ولم يسلم ما تستوفى المنفعة منه حتى مضت مدة يمكن فيها تحصيل تلك المنفعة ، فلا فسخ ولا انفساخ بحال ، لأنه دين تأخر إيفاؤه .

التالي السابق


الخدمات العلمية