[ ص: 224 ] فصل
في
النية :
يجب مقارنتها التكبير ، وفي كيفية المقارنة ، وجهان :
أحدهما : يجب أن يبتدئ النية بالقلب ، مع ابتداء التكبير باللسان ، ويفرغ منها ، مع فراغه منه ، وأصحهما : لا يجب هذا ، بل لا يجوز لئلا يخلو أول التكبير عن تمام النية .
فعلى هذا قيل : يجب أن تقدم النية على التكبير ، ولو بشيء يسير ، والصحيح الذي قاله الأكثرون لا يجب ذلك ، بل الاعتبار بالمقارنة ، وسواء قدم أم لم يقدم ، يجب استصحاب النية إلى انقضاء التكبير على الأصح وعلى الثاني لا يجب .
والنية : هي القصد فيحضر المصلي في ذهنه ذات الصلاة ، وما يجب التعرض له من صفاتها كالظهرية والفرضية وغيرهما . ثم يقصد هذه العلوم ، قصدا مقارنا لأول التكبير .
ولا يجب
استصحاب النية بعد التكبير ، ولكن يشترط أن لا يأتي بمناقض لها ، ولو
نوى في أثناء الصلاة ، الخروج منها ، بطلت . وإن تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت ، والمراد بالتردد : أن يطرأ شك مناقض للجزم ، ولا عبرة بما يجري في الفكر ، أنه لو تردد في الصلاة ، كيف يكون الحال ، فإن ذلك مما يبتلى به الموسوس ، وقد يقع ذلك في الإيمان بالله تعالى ، فلا مبالاة بذلك ، قاله إمام الحرمين .
ولو
نوى في الركعة الأولى الخروج في الثانية ، أو علق الخروج بشيء يوجد في صلاته قطعا ، بطلت في الحال على الصحيح ، وعلى الشاذ لا تبطل في الحال ، بل لو رفض هذا التردد قبل الانتهاء إلى الغاية المنوية ، صحت صلاته ، ولو
علق الخروج بدخول شخص ونحوه ، مما يحتمل حصوله في الصلاة وعدمه ، بطلت في الحال على الأصح ، كما لو دخل في الصلاة هكذا ، فإنه لا ينعقد بلا خلاف ، وكما لو علق به الخروج
[ ص: 225 ] من الإسلام ، فإنه يكفر في الحال قطعا .
والثاني : لا تبطل في الحال ، وهل تبطل بوجود الصفة إذا وجدت وهو ذاهل عن التعليق ؟ وجهان :
أحدهما : لا ، وأصحهما وقول الأكثرين تبطل . قال إمام الحرمين : ويظهر على هذا ، أن يقال : تبين بالصفة بطلانها من حين التعليق . أما إذا وجدت ، وهو ذاكر للتعليق ، فتبطل قطعا .
ولو
نوى فريضة ، أو سنة راتبة ، ثم نوى فيها فريضة أخرى أو راتبة ، بطلت التي كان فيها ، ولم تحصل المنوية ، وفي بقاء أصل الصلاة نافلة قولان نذكرهما إن شاء الله تعالى .
ولو
تردد الصائم في الخروج من صومه ، أو علقة على دخول شخص ونحوه ، لم يبطل على المذهب الذي قطع به الجماهير ، وقيل : وجهان .
ولو جزم نية الخروج منه ، لم يبطل على الأصح ، كالحج ، فإنه لا يبطل قطعا .
ولو
شك في صلاته ، هل أتى بكمال النية ، أم تركها ، أو ترك بعض شروطها ؟ نظر ، إن تذكر أنه أتى بكمالها قبل أن يحدث شيئا على الشك وقصر الزمان ، لم تبطل صلاته ، وإن طال بطلت على الأصح لانقطاع نظمها .
وإن تذكر بعد أن أتى على الشك بركن فعلي ، كالركوع ، أو السجود ، بطلت ، وإن أتى بقولي ، كالقراءة ، والتشهد ، بطلت أيضا على الأصح المنصوص ، والذي قطع به العراقيون .
قلت : قال
الماوردي : لو
شك ، هل نوى ظهرا ، أو عصرا ؟ لم يجزئه عن واحدة ، فإن تيقنها ، فعلى التفصيل المذكور . والله أعلم .