[ ص: 226 ] فرع .
في كيفية النية .
أما الفريضة ، فيجب فيها قصد أمرين بلا خلاف .
أحدهما : فعل الصلاة ، لتمتاز عن سائر الأفعال ، ولا يكفي إحضار نفس الصلاة بالبال ، غافلا عن الفعل .
والثاني : تعيين الصلاة المأتي بها ، ولا تجزئه
نية فريضة الوقت عن نية الظهر ، أو العصر على الأصح ؛ لأن الفائتة التي يتذكرها تشاركها في كونها فريضة الوقت .
ولا تصح
الظهر بنية الجمعة على الصحيح الصواب .
ولا تصح
الجمعة بنية مطلق الظهر ، ولا تصح بنية الظهر المقصورة إن قلنا إنها صلاة بحيالها ، وإن قلنا ظهر مقصورة صحت .
واختلفوا في اعتبار أمور سوى هذين الأمرين . أحدها : الفرضية ، وهو شرط على الأصح عند الأكثرين ، سواء كان الناوي بالغا أو صبيا ، وسواء كانت الصلاة قضاء أم أداء .
الثاني : الإضافة إلى الله تعالى بأن يقول لله أو فريضة الله ، والأصح أنه لا يشترط . الثالث : القضاء والأداء ، الأصح أنه لا يشترط ، بل تصح أداء بنية القضاء وعكسه .
ولك أن تقول : الخلاف في اشتراط
نية الأداء في الأداء ، ونية القضاء في القضاء ظاهر . أما الخلاف في صحة الأداء بنية القضاء وعكسه ، فليس بظاهر ؛ لأنه إن جرت هذه النية على لسانه أو في قلبه ، ولم يقصد حقيقة معناها ، فينبغي أن تصح قطعا ، وإن قصد حقيقة معناه ، فينبغي أن لا يصح قطعا لتلاعبه .
قلت : مراد الأصحاب بقولهم : يصح القضاء بنية الأداء وعكسه من
[ ص: 227 ] نوى ذلك جاهل الوقت لغيم ونحوه ، والإلزام الذي ذكره الرافعي حكمه صحيح ، ولكن ليس هو مرادهم . والله أعلم .
الرابع : التعرض لاستقبال القبلة ، وعدد الركعات . المذهب : أنه لا يشترط ، وقيل : يشترط ، وهو غلط . لكن لو نوى الظهر ثلاثا ، أو خمسة لم تنعقد ، وأما النافلة فضربان :
أحدهما : ما لها وقت أو سبب ، فيشترط فيها نية فعل الصلاة ، والتعيين . فينوي صلاة الاستسقاء أو الخسوف أو عيد الفطر أو النحر أو الضحى ، وغيرها ، وفي الرواتب يعين بالإضافة . فيقول : سنة الفجر ، أو راتبة الظهر ، أو سنة العشاء ، وفي وجه ضعيف : يكفي فيما عدا ركعتي الفجر من الرواتب ، نية أصل الصلاة ، لتأكد ركعتي الفجر ، فألحقت بالفرائض .
وأما الوتر ، فينوي سنة الوتر ، ولا يضيفها إلى العشاء ؛ لأنها مستقلة . فإن أوتر بأكثر من واحدة ، نوى بالجميع الوتر ، كما ينوي في جميع ركعات التراويح ، وفي وجه : ينوي بما قبل الواحدة صلاة الليل ، وفي وجه : ينوي به سنة الوتر ، وفي وجه : مقدمة الوتر ، والظاهر : أن هذه الأوجه في الأولوية ، دون الاشتراط ، وفي اشتراط نية النفلية في هذا الضرب والأداء والقضاء والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المتقدم في الفريضة .
الضرب الثاني : النوافل المطلقة . فيكفي فيها نية فعل الصلاة ، ولم يذكروا هنا خلافا في اشتراط التعرض للنفلية ، ويمكن أن يقال : مقتضى اشتراط الفرضية في الفرض ، اشتراط النفلية هنا .
قلت : الصواب ، الجزم بعدم اشتراط النفلية في الضربين ، ولا وجه للاشتراط في الأول . والله أعلم .
[ ص: 228 ] فرع :
النية في جميع العبادات معتبرة بالقلب ، ولا يكفي فيها نطق اللسان مع غفلة القلب ، ولا يشترط ولا يضر مخالفته القلب . كمن قصد بقلبه الظهر ، وجرى لسانه بالعصر انعقد ظهره ، ولنا وجه شاذ : أنه يشترط
نطق اللسان وهو غلط . ولو عقب النية بقوله : إن شاء الله تعالى ، بالقلب ، أو باللسان ، فإن قصد به التبرك ، ووقوع الفعل بمشيئة الله تعالى ، لم يضر ، وإن قصد الشك لم تصح صلاته .
فرع :
من
أتى بما ينافي الفريضة ، دون النفلية في أول صلاته ، أو في أثنائها ، وبطل فرضه ، هل تبقى صلاته نافلة ، أم تبطل ؟ قولان . اختلف في الأصح منهما الأصحاب بحسب الصور :
فمنها : إذا تحرم بالظهر قبل الزوال ، فإن كان عالما بحقيقة الحال ، فالأظهر : البطلان . وإن جهل فالأظهر انعقادها نافلة .
ومثله : لو
وجد المسبوق الإمام راكعا ، فأتى ببعض تكبيرة الإحرام في الركوع ، لا ينعقد الفرض . فإن كان عالما بتحريمه ، فالأظهر : البطلان ، وإلا فالأظهر : انعقادها نفلا . ومنها : لو
أحرم بفريضة منفردا ، ثم أقيمت جماعة ، فسلم من ركعتين ليدركها ، فالأظهر : صحتها نفلا . ومنها : لو
وجد المصلي قاعدا خفة في صلاته فلم يقم ، أو
أحرم القادر على القيام بالفرض قاعدا ، أو
قلب المصلي فرضه نفلا بلا سبب ، فالأظهر البطلان في الثلاثة .