فصل
إذا كان الوقف على جهة ، كالفقراء ، وعلى المسجد ، والرباط ، لم يشترط القبول . ولو قال : جعلت هذا للمسجد ، فهو تمليك لا وقف ، فيشترط قبول القيم ، وقبضه كما لو وهب شيئا لصبي .
وإن كان الوقف على شخص ، أو جماعة معينين ، فوجهان . أصحهما عند الإمام وآخرين : اشتراط القبول .
فعلى هذا ، فليكن متصلا بالإيجاب كما في البيع ، والهبة .
والثاني : لا يشترط كالعتق ، وبه قطع
البغوي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14396والروياني . قال
الروياني : لا يحتاج لزوم الوقف إلى القبول ، لكن لا يملك عليه إلا بالاختيار ، ويكفي الأخذ دليلا على الاختيار .
وخص
المتولي الوجهين بقولنا : ينتقل الملك في الموقوف إلى الموقوف عليه ، وإلا فلا يشترط قطعا .
قلت : صحح
الرافعي في " المحرر " الاشتراط ، والله أعلم .
وسواء شرطنا القبول أم لا ، لو رده بطل حقه كالوصية ، والوكالة وشذ
[ ص: 325 ] البغوي فقال : لا يبطل بالرد كالعتق . فعلى الصحيح : لو رد ثم رجع ، قال
الروياني : إن رجع قبل حكم الحاكم برده إلى غيره كان له . وإن حكم به لغيره بطل حقه . هذا في البطن الأول ، أما البطن الثاني والثالث : فنقل الإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ، أنه لا يشترط قبوله قطعا ، لأن استحقاقهم لا يتصل بالإيجاب ، ونقلا في ارتداده بردهم وجهين ، لأن الوقف قد ثبت ولزم فيبعد انقطاعه ، وأجرى
المتولي الخلاف في اشتراط قبولهم ، وارتداده بردهم بناء على أنهم يتلقون الحق من الواقف ، أم من البطن الأول ؟ إن قلنا بالأول ، فقبولهم وردهم كقبول الأولين وردهم ، وإلا فلا يعتبر قبولهم ، وردهم كالميراث ، وهذا أحسن ، ولا يبعد أن لا يتصل الاستحقاق بالإيجاب مع اشتراط القبول ، كما في الوصية .