فصل
إذا جعل داره مسجدا ، أو أرضه مقبرة ، أو بنى مدرسة ، أو رباطا ، فلكل أحد أن يصلي ويعتكف في المسجد ، ويدفن في المقبرة ، ويسكن المدرسة بشرط الأهلية ، وينزل الرباط ، وسواء فيه الواقف ، وغيره . ولو
شرط في الوقف اختصاص المسجد بأصحاب الحديث ، أو الرأي ، أو طائفة معلومين ، فوجهان . أحدهما : لا يتبع شرطه . فعلى هذا قال
المتولي : يفسد الوقف لفساد الشرط . والثاني : يتبع ويختص بهم رعاية للشرط ، وقطعا للنزاع في إقامة الشعائر ، ويشبه أن تكون الفتوى بهذا ، وإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي اقتصر على الأول في " الوجيز " .
قلت : الأصح اتباع شرطه ، وصححه
الرافعي في " المحرر " . والمراد بأصحاب الحديث : الفقهاء الشافعية ، وبأصحاب الرأي : الفقهاء الحنفية ، هذا عرف
أهل خراسان . - والله أعلم - ثم الوجهان ، فيما إذا قال : على أصحاب الحديث ، فإذا انقرضوا فعلى عامة المسلمين ، أما إذا لم يتعرض للانقراض ، ففيه خلاف .
[ ص: 331 ] قلت : يعني اختلفوا في صحة الوقف لاحتمال انقراض هذه الطائفة ، والأصح ، أو الصحيح الصحة . والله أعلم ولو شرط في المدرسة ، والرباط الاختصاص ، اختص قطعا . ولو
شرط في المقبرة الاختصاص بالغرباء ، أو بجماعة معينين ، فالوجه أن يرتب على المسجد . فإن قلنا : يختص ، فالمقبرة أولى ، وإلا فوجهان ، لترددها بين المسجد والمدرسة ، وإلحاقها بالمدرسة أصح ، فإن المقابر للأموات كالمساكن للأحياء ، وهذا كله إذا شرط في حال الوقف . أما إذا
وقف مطلقا ، ثم خصص المدرسة ، أو المسجد أو غيرهما ، فلا اعتبار به قطعا .