الباب الثاني في أحكام الالتقاط الصحيح
وهي أربعة :
[ الحكم ] الأول : في الأمانة ، والضمان ، ويخلتف ذلك بقصده . وله أحوال :
أحدها : أن
يأخذها ليحفظها أبدا ، فهي أمانة في يده . فلو دفعها إلى الحاكم لزمه القبول . وكذا من أخذ للتملك ، ثم بدا له ودفعها إلى الحاكم ، لزمه القبول . وهل يجب التعريف إذا قصد الحفظ أبدا ؟ وجهان يأتي بيانهما - إن شاء الله تعالى - . فإن لم يجب ، لم يضمن بتركه . وإذا بدا له
قصد التملك ، عرفها سنة من يومئذ ، ولا يعتد بما عرف من قبل . وإن أوجبناه ، فهو ضامن بالترك . حتى لو بدأ بالتعريف بعد ذلك ، فهلك في سنة التعريف ، ضمن .
الثاني : أن
يأخذ بنية الخيانة ، والاستيلاء ، فيكون ضامنا غاصبا . وفي براءته بالدفع إلى الحاكم الوجهان في الغاصب ، فلو عرف بعد ذلك وأراد التملك ، لم يكن له ذلك على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، كالغاصب ، وقيل : وجهان ، لوجود صورة الالتقاط .
الثالث : أن
يأخذها ليعرفها سنة ، ويتملكها بعد السنة ، فهي أمانة في السنة ،
[ ص: 407 ] وأما بعد السنة ، فإن قلنا : تملك بمضي السنة ، فقد دخلت في ملكه ، وضمانه ، وإلا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : تصير مضمونة عليه إذا كان غرم التملك مطردا ، ولم يوافقه غيره ، فالأصح ما صرح
ابن الصباغ ،
والبغوي : أنها أمانة ما لم يختر التملك قصدا ، أو لفظا إذا اعتبرناه ، كما قبل الحول ، لكن إذا اختار وقلنا : لا بد من التصرف ، فحينئذ يكون مضمونا عليه كالقرض . وإذا قصد الأمانة ، ثم قصد الخيانة ، فالأصح أنه لا يصير مضمونا عليه بمجرد القصد ، كالمودع لا يضمن بنية الخيانة على المذهب . والثاني : يصير ، لأنه لم يسلطه المالك . ومهما صار الملتقط ضامنا في الدوام ، إما بحقيقة الخيانة ، أو بقصدها ، ثم أقلع ، وأراد أن يعرف ، ويتملك ، فله ذلك على الأصح .
الحال الرابع : أن
يأخذ اللقطة ، ولا يقصد خيانة ، ولا أمانة ، أو يقصد أحدهما وينساه ، فلا تكون مضمونة عليه وله التملك بشرطه .