فصل
في
الركوع .
أقله ، أن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبتيه ، ولو أراد وضعهما عليهما ، وهذا عند اعتدال الخلقة وسلامة اليدين والركبتين ، ولو انخنس وأخرج ركبتيه وهو مائل منتصب ، وصار بحيث لو مد يديه لنالت راحتاه ركبتيه لم يكن ذلك ركوعا ؛ لأن نيلهما لم يحصل بالانحناء .
قال إمام الحرمين : ولو مزج الانحناء بهذه الهيئة المذكورة ، وكان التمكن من وضع الراحتين على الركبتين بهما جميعا ، لم يكن ركوعا أيضا . ثم إن لم يقدر على الانحناء إلى الحد المذكور إلا بمعين ، أو باعتماد على شيء أو بأن ينحني على شقه ، لزمه ذلك ، فإن لم يقدر ، انحنى القدر الممكن ، فإن عجز ، أومأ بطرفه عن قيام .
[ ص: 250 ] هذا بيان ركوع القائم ، وأما ركوع القاعد ، فقد تقدم بيان أقله ، وأكمله في فصل القيام .
وتجب
الطمأنينة في الركوع ، وأقلها : أن يصبر حتى تستقر أعضاؤه في هيئة الركوع ، وينفصل هويه عن ارتفاعه منه .
فلو جاوز حد أقل الركوع ، فزاد في الهوي ثم ارتفع ، والحركات متصلة ، لم تحصل الطمأنينة ، ولا يقوم زيادة الهوي مقام الطمأنينة ، ويشترط أن لا يقصد بهويه غير الركوع .
فلو
قرأ في صلاته آية سجدة ، فهوى ليسجد للتلاوة ، ثم بدا له بعد ما بلغ حد الراكعين أن يركع ، لم يعتد بذلك عن الركوع ، بل يجب عليه أن يعود إلى القيام ، ثم يركع .
وأما
أكمل الركوع ، فأمران :
أحدهما : في الهيئة ، والثاني : في الذكر . أما الهيئة : فأن ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه ويمدهما كالصفيحة ، وينصب ساقيه إلى الحقو ، ولا يثني ركبتيه ، ويضع يديه على ركبتيه ، ويأخذهما بهما ، ويفرق بين أصابعه حينئذ ، ويوجهها نحو القبلة ، فإن كانت إحدى يديه مقطوعة أو عليلة فعل بالأخرى ما ذكرنا ، فإن لم يمكنه وضعهما على ركبتيه أرسلهما ، ويجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ، ولا تجافي المرأة ولا الخنثى .
الأمر الثاني : الذكر :
فيستحب أن يكبر للركوع ، ويبتدئ به في ابتداء الهوي ، وهل يمد التكبير ؟ قولان :
القديم : لا يمده ، بل يحذفه ، والجديد الصحيح : يستحب مده إلى تمام الهوي ، حتى لا يخلو جزء من صلاته عن ذكر .
ويجري القولان في جميع تكبيرات الانتقالات ، هل يمدها إلى الركن المنتقل إليه ، أم لا ؟ ، ويستحب أن يرفع يديه إذا ابتدأ التكبير ، وتقدمت صفة الرفع .
ويستحب أن
يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، ثلاث مرات . قال بعضهم : ويضيف إليه : وبحمده .
والأفضل أن يقول بعده :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350664اللهم لك [ ص: 251 ] ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع ( لك ) سمعي ، وبصري ، ومخي ، وعظمي ، وعصبي ، وشعري ، وبشري ، وما استقلت به قدمي لله رب العالمين ، وهذا أتم الكمال .
ثم الزيادة على ثلاث تسبيحات إنما تستحب للمنفرد ، وأما الإمام فلا يزيد على ثلاث ، وقيل : خمس ، إلا أن يرضى المأمومون بالتطويل ، فيستوفي الكمال ، وتكره قراءة القرآن في الركوع والسجود .
قلت : قال أصحابنا : يستحب أن لا يصل تكبيرة الركوع بآخر السورة ، بل يسكت بينهما سكتة لطيفة ، ويبتدئ التكبير قائما مع ابتداء رفع اليدين . فإن ترك رفع اليدين حتى فرغ من التكبير لم يرفعهما ، وإن ذكر قبل فراغه رفع ، ولو كان أقطع الكفين ، لم يبلغ بيديه ركبتيه ، لئلا يغير هيئة الركوع . ذكره
الماوردي وغيره .
قالوا : ويستحب
رفع اليدين في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه لكل مصل ؛ قائم وقاعد ومضطجع وموم .
ونص عليه في ( الأم ) قال أصحابنا :
وأقل ما يحصل به الذكر في الركوع ، تسبيحة واحدة . والله أعلم .