فصل
وإن كانت الوصية لمعين ، فينبغي أن يتصور له الملك . ويتعلق بهذا الضبط مسائل . إحداها :
الوصية للحمل جائزة ، ثم ينظر ، فإن قال : أوصيت لحمل فلانة ، أو لحمل فلانة الموجود الآن ، فلا بد لنفوذها من شرطين .
أحدهما : أن يعلم وجوده حال الوصية ، بأن ينفصل لأقل من ستة أشهر ، فلو انفصل لستة فصاعدا نظر إن كانت المرأة فراشا لزوج أو سيد ، لم يستحق شيئا ، وإن لم تكن فراشا ، بل فارقها مستفرشها قبل الوصية . فإن كان الانفصال لأكثر من أربع سنين من وقت الوصية ، لم يستحق شيئا . وإن انفصل لدون ذلك ، فقولان ، وقيل : وجهان : أظهرهما : أنه يستحق ; لأن الظاهر وجوده . ولو قال : أوصيت لحمل فلانة من زيد اشترط مع ذلك ثبوت نسبه من زيد ، حتى لو كانت الوصية بعد زوال الفراش ، فأتت بولد لأكثر من أربع سنين من وقت الفراق ، ولأقل من ستة أشهر من يوم الوصية ، لم يستحق شيئا ; لأن النسب غير ثابت منه . ولو اقتضى الحال ثبوت نسبه من زيد ، فنفاه باللعان ، فالصحيح الذي قاله
ابن سريج والجمهور : لا شيء له ؛ لأنه لم يثبت . وعن
أبي إسحاق ، واختاره الأستاذ
أبو منصور : يستحق ; لأن النسب كان ثابتا ، واللعان إنما يؤثر في حق المتلاعنين ، ويجري الخلاف فيما لو أوصى لحمل أمة من سيدها ، فادعى سيدها الاستبراء ، ورأيناه نافيا للنسب .
[ ص: 100 ] الشرط الثاني : أن ينفصل حيا ، فلو انفصل ميتا ، فلا شيء له وإن انفصل بجناية وأوجبنا الغرة ، لما ذكرناه في الميراث .
فرع
أتت بولدين بينهما أقل من ستة أشهر ، وبين الوصية والأول أقل من ستة أشهر ، صحت الوصية لهما وإن زاد ما بين الوصية والثاني على ستة أشهر وكانت المرأة فراشا ؛ لأنهما حمل واحد .
فرع
يقبل الوصية للحمل من يلي أمره بعد خروجه حيا . وإن قبلها قبل انفصاله ، ثم انفصل حيا ، فعن
القفال : أنه لا يعتد بقوله . وقال غيره : فيه قولان . كمن باع مال أبيه على ظن حياته فبان ميتا .
فرع
هذا الذي ذكرناه ، فيما
إذا قال : أوصيت لحملها ، أو لحملها الموجود . أما إذا قال : لحملها الذي سيحدث ، فأوجه . أصحها عند الأكثرين : بطلان الوصية ; لأنها تمليك ، وتمليك المعدوم ممتنع . والثاني : تصح ، قاله
أبو إسحاق ،
وأبو منصور ، كما تصح بالحمل الذي سيوجد . والثالث : إن كان الحمل موجودا حال الموت ، صح ، وإلا فلا .