( المسألة ) الثامنة :
أوصى لأقرب أقارب زيد ، دخل فيها الأبوان والأولاد .
فإن اجتمع أب وابن ، فوجهان .
وقيل : قولان .
أحدهما : يسوى بينهما ، لاستوائهما في الرتبة ، فعلى هذا يقدم الأب على ابن الابن .
وأصحهما وبه قطع
[ ص: 175 ] طوائف : يقدم الابن لقوته وعصوبته .
فعلى هذا ، الأولاد مقدمون على من سواهم ، ثم يليهم البطن الثاني ، ثم الثالث ، إلى حيث ينتهون .
ويستوي أولاد البنين والبنات .
فإن لم يكن أحد من الأولاد والأحفاد ، قدم الأبوان ، ثم بعدهما الأجداد والجدات ، إن لم يوجد الإخوة والأخوات ، يقدم الأقرب فالأقرب منهم .
أو الإخوة والأخوات ، إن لم يوجد الأجداد والجدات ، فإن اجتمع جد وأخ ، قدم الأخ على الأظهر .
والثاني : يستويان .
وقيل : يقدم الأخ قطعا .
ويجري هذا الخلاف في الجد أبي الأب ، والجد أبي الأم ، مع الأخ للأم والأخ لأب .
فإن قلنا بالتسوية ، فالجد أولى من ابن الأخ .
وإن قدمنا الأخ ، فكذا ابنه وإن سفل .
والمذهب تقديم ابن الأخ على أبي الجد .
وقيل بطرد الخلاف .
ثم يقدم بعدهم أولاد الإخوة والأخوات ، ثم الأعمام والعمات ، ويساويهم الأخوال والخالات ، ثم أولاد هؤلاء .
والأخ من الجهتين ، يقدم على الأخ من إحداهما ؛ لزيادة قرابته .
كذا قطع به الجمهور ، وهو المذهب ، وحكى
الحناطي والإمام عن بعضهم في تقديمه قولين كولاية النكاح .
والأخ من الأب ، والأخ من الأم ، يستويان .
وكذا القول في أولاد الإخوة ، والأعمام ، والأخوال ، وأولادهم .
وفي تقديم الجدة من جهتين على الجدة من جهة ، وجهان كالوجهين ، ترجيحها في الميراث .
ويحصل مما ذكرناه أنه إذا اجتمع أولاد إخوة مفترقين وأولاد أخوات مفترقات ، فالمال لولد الأخ من الأبوين وولد الأخت من الأبوين ، فإن لم يوجد أولاد الإخوة والأخوات من الأبوين ، فأولادهم من الأب وأولادهم من الأم سواء .
هذا إذا استوت الدرجة .
فإن اختلفت ، قدم الأقرب من أي جهة كان .
فيقدم الأخ من الأب على ابن الأخ للأبوين ، ويقدم ابن الأخ للأب وابن الأخ للأم على ابن ابن الأخ للأبوين ; لأن جهة الأخوة واحدة .
فروعي
[ ص: 176 ] قرب الدرجة .
فأما إذا اختلفت الجهة ، فالبعيد من الجهة القريبة يقدم على القريب من الجهة البعيدة .
فيقدم ابن ابن الابن على الأخ .
ويقدم ابن ابن الأخ وإن سفل على العم .
ولا يرجح [ في ] هذا الباب بالذكورة ، ولا ينظر إلى الورثة ، بل يستوي في الاستحقاق ، الأب والأم .
وكذا الابن والبنت ، وكذا الأخ والأخت ، كما يستوي المسلم والكافر ، ويقدم ابن البنت على ابن ابن الابن .
وكل ذلك لأن الاستحقاق منوط بزيادة القرب .
فرع :
أوصى لجماعة من أقرب أقارب زيد ، فلا بد من الصرف إلى ثلاثة ، فإن كان [ له ] في الدرجة القربى ثلاثة ، دفع إليهم .
وإن كانوا أكثر ، وجب تعميمهم على الأصح ؛ لئلا تصير وصية لغير معين ، بخلاف الفقراء ; لأن المراد بهم الجهة .
وقيل : لا ، فيختار الوصي ثلاثة منهم .
فإن كانوا دون الثلاثة ، تممنا الثلاثة ممن يليهم ، فإن كان له ابنان ، وابن ابن ، دفع إليهم .
وإن كان ابن ، وابن ابن ، وابن ابن ابن ، دفع إليهم .
وإن كان ابن ، وابنا ابن ، فكذلك .
وإن كان ابن ، وابن ابن ، وبنو ابن ابن ، دفع إلى الابن وابن الابن .
وهل يدفع معهما إلى واحد من الدرجة الثالثة ، أم يعممون ؟ فيه الوجهان .
وإذا قلنا : يعممون ، فالقياس التسوية بين كل المدفوع إليهم .
وفي تعليق الشيخ
أبي حامد : أن الثلث لمن في الدرجة الأولى ، والثلث لمن في الثانية ، والثلث لمن في الثالثة .
هذا ما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال الأصحاب في هذا الفرع : وكان الأشبه أن يقال : إنها وصية لغير معين .
[ ص: 177 ] قلت : الصواب ، ما نص عليه ، وقاله الأصحاب .
والله أعلم .
فرع :
أوصى لأقرب أقارب نفسه ، فالترتيب كما ذكرنا ، لكن لو كان الأقرب وارثا ، صرفنا إلى من يليه ممن ليس بوارث ، إن لم نصحح الوصية للوارث ، أو صححناهما فلم يجزها سائر الورثة ، كذا نقله
البغوي وغيره ، وهو تفريع على أنه لو أوصى لأقارب نفسه ، لم تدخل الورثة بقرينة الشرع .
أما إذا قلنا : يدخلون ، ويوزع عليهم وعلى من ليس بوارث ، فهنا تبطل الوصية ، إلا أن يتعدد الأقربون ويكون فيهم وارث وغير وارث .