أما المسائل ، فإحداها : فيما يتعلق بجانب الموصى له ، فيملك
إثبات اليد على العبد الموصى بمنفعته ، ويملك منافعه وأكسابه المعتادة ، من الاحتطاب ، والاحتشاش ، والاصطياد ، وأجرة الحرفة ، لأنها أبدال منافعه .
ولا يملك الكسب النادر ، كالهبة واللقطة على الأصح ; لأنه لا يقصد بالوصية .
وحكى
الحناطي وأبو الحسن العبادي وجها في كل الأكساب ، وهو ضعيف ، وسيأتي دليله إن شاء الله تعالى .
ولو
أتت الجارية الموصى بمنفعتها بولد من نكاح أو زنا ، فثلاثة أوجه .
أصحها وبه قطع العراقيون
والبغوي : حكم الولد حكم أمه ، رقبته للورثة ، ومنفعته للموصى له ; لأنه جزء منها .
والثاني : أنه للموصى له ، ككسبها .
والثالث : لورثة الموصي ; لأنه غير المنفعة .
وإذا وطئت بشبهة ، أو زوجت ، ففي المهر وجهان .
قطع العراقيون
والبغوي بأنه للموصى له ، كالكسب .
والمنسوب إلى المراوزة : أنه لورثة الموصي ، وبه قطع
المتولي ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ، وهو الأشبه ،
[ ص: 188 ] لأنه بدل منفعة البضع ، ومنفعة البضع لا تجوز الوصية بها ، فكان تابعا للرقبة .
ولا يجوز للموصى له وطؤها بلا خلاف فإن وطئ ، لم يحد على الصحيح ؛ للشبهة .
وقيل : يحد كالمستأجر .
ولو أولدها بالوطء ، لم تصر أم ولد له ، لكن الولد حر على الصحيح ؛ للشبهة .
وقيل : رقيق .
وإذا قلنا : حر ، فإن قلنا : الولد المملوك كالكسب ، فلا قيمة عليه ، وإلا ، فعليه القيمة .
ثم هل هي لمالك الرقبة ؟ أم يشترى بها عبد تكون رقبته لمالك العبد ومنفعته للموصى له وجهان .
هذا ما ذكروه في هذه الصور ، ولم يفرقوا بين قوله : أوصيت بمنفعة العبد ، أو غلته ، أو خدمته ، أو كسبه ، وبمنفعة الدار ، أو سكناها ، أو غلتها .
وكان الأحسن أن يقال : الوصية بالمنفعة تفيد استحقاق الخدمة في العبد ، والسكنى في الدار .
والوصية بالخدمة والسكنى لا تفيد استحقاق سائر المنافع .
ألا ترى أنه إذا استأجر عبدا للخدمة ، لا يملك تكليفه البناء ، والغراس ، والكتابة .
وإذا استأجر دارا للسكنى ، لم يكن له أن يعمل فيها عمل الحدادين والقصارين ، ولا أن يطرح الزبل فيها ، ولا يبعد أن يكون هذا مرادهم وإن أطلقوا ، بل ينبغي أن يقال : الوصية بالغلة والكسب لا تفيد استحقاق السكنى والركوب والاستخدام ، وبواحد منها لا يفيد استحقاق [ الغلة والكسب ] .
وهذا يوافق الوجه السابق عن
الحناطي والعبادي .
فرع :
هل ينفرد الموصى له بالمسافر بالموصى بمنفعته ؟ وجهان .
أحدهما : لا ، كزوج الأمة .
وأصحهما : نعم ؛ لاستغراقه المنافع .