فصل
جرت العادة بذكر
ما يقع عن الميت بفعل غيره في هذا الموضع لمناسبته الحج عنه فالحج يؤدى عنه إن كان فرضا .
ثم إن عين شخصا وأوصى إليه فيه ، فعله عنه ، وارثا كان أو غيره .
وإن
قال : أحجوا عني ، ولم يعين ، فللوارث أن يحج عنه بنفسه ، وله أن يأمر به أجنبيا .
وإن لم يوص به أصلا ، فللوارث أن يحج عنه ، وكذا للأجنبي إن أذن له الوارث ، وكذا إن لم يأذن على الأصح ، كقضاء الدين .
ووجه المنع : افتقاره إلى النية ، فلا بد من استنابة .
وأما حج التطوع ، فالنيابة جائزة على الأظهر كما سبق .
فإن جوزناها ، فقال العراقيون : إن لم يوص به ، لا يصح الحج عنه .
وفي " أمالي "
السرخسي : أن للوارث أن يستنيب ، وأنه إذا أوصى الميت إلى معين ، فعل .
ولو استقل به أجنبي ، فوجهان .
أصحهما : المنع .
وفي هذا الكلام تجويز الاستنابة للوارث ، وتجويز فعله بنفسه وإن لم يوص الميت .
وأما
أداء الزكاة عنه ، فكالحج الواجب ، فيجوز للأجنبي أن يؤدي عنه زكاة المال وزكاة الفطر على الأصح المنصوص .
وأما
الكفارة ، فإن كانت مالية ،
[ ص: 201 ] فللورث أن يؤدي الواجب من التركة ، ويكون الولاء للميت إذا أعتق .
وإن كانت مخيرة ، فله أن يطعم ، ويكسو .
وفي
الإعتاق وجهان .
أحدهما : المنع ، إذ لا ضرورة إليه .
وأصحهما : الجواز ; لأنه نائبه شرعا ، فإعتاقه كإعتاقه .
ولو
أدى الوارث من مال نفسه ، ولا تركة ، فالصحيح الجواز .
وقيل بالمنع ، لبعد العبادة عن النيابة .
وقيل : يمنع الإعتاق فقط ، لبعد إثبات الولاء للميت ، فإذا جوزنا ، فلو تبرع أجنبي بالطعام ، أو الكسوة ، أجزأ على الأصح ، كقضاء الدين .
واحتج [ له ] الإمام بأنه لو اشترطت الورثة ، لا يشترط صدوره من جميعهم ، كالإقرار بالنسب ، ولا يعتبر ذلك ، بل يستبد به كل واحد من الورثة .
ولو تبرع الأجنبي بالعتق ، فقيل : على الوجهين .
وقيل بالمنع قطعا .
وأما إذا لم يكن على الميت عتق أصلا ، فأعتق عنه وارث أو غيره ، فلا يصح عن الميت ، بل يقع العتق والولاء للمعتق .
ولو
أوصى بالعتق في الكفارة المخيرة ، وزادت قيمة الرقبة على قيمة الطعام والكسوة ، فوجهان .
أحدهما : يعتبر من رأس المال ; لأنه أداء واجب .
وأصحهما : الاعتبار من الثلث ; لأنه غير متحتم ، وتحصل البراءة بدونه ، وعلى هذا وجهان .
وقيل : قولان .
أحدهما : تعتبر جميع قيمته من الثلث ، فإن لم يف به ، عدل إلى الإطعام .
وأقيسهما : أن المعتبر من الثلث ما بين القيمتين ; لأن أقل القيمتين لازم لا محالة .
ويجري الخلاف فيما إذا أوصى أن يكسى عنه - والكسوة أكثر من الطعام - وسنعيد المسألة في كتاب الأيمان بزيادة إيضاح إن شاء الله تعالى .
ولو
أعتق من عليه كفارة مخيرة في مرض الموت ، قال
المتولي : لا تعتبر قيمة العبد من الثلث ; لأنه مؤد فرضا ، وهذا كأنه تفريع على الوجه القائل بأنه إذا أوصى به ، أعتق من رأس المال .