فصل في
الوصية بالنصيب مع استثناء جزء مما تبقى من المال فهذا ، إما أن يكون مع تقييد الموصي الاستثناء بجزء مما تبقى من المال بعد النصيب ، وإما مع التقييد بجزء مما تبقى من المال بعد الوصية ، وإما مطلقا ، فهذه ثلاثة أقسام .
( القسم ) الأول : مثاله :
ثلاثة بنين ، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع الباقي من المال بعد النصيب ، تأخذ مالا وتسقط منه نصيبا ، يبقى مال ناقص بنصيب ، تزيد عليه ربعه وهو الذي يسترده من جملة النصيب ، وربعه ربع مال إلا ربع نصيب ، فيبلغ مالا وربع مال إلا نصيبا ، وربع نصيب يعدل ثلاثة أنصباء ، فتجبر وتقابل ، فإذا مال وربع مال يعدل أربعة أنصباء وربع نصيب ، تبسطها أرباعا وتقلب الاسم ، فالمال سبعة عشر ، والنصيب خمسة ، تعطي الموصى له خمسة ، يبقى اثنا عشر ، تسترجع من الخمسة ربع الباقي وهو ثلاثة ، يبقى مع الموصى له سهمان ، ومع البنين خمسة عشر ، لكل ابن خمسة .
القسم الثاني : أن
يقيد الاستثناء بجزء مما تبقى من المال بعد الوصية ، فالجزء من
[ ص: 230 ] باقي المال بعد الوصية ، كالجزء الواقع تحته من باقي المال بعد النصيب ، فعشر الباقي بعد الوصية كتسع الباقي بعد النصيب ، وتسع الباقي بعد الوصية كثمن الباقي بعد النصيب ، وعلى هذا القياس حتى ينتهي إلى ثلث الباقي بعد الوصية ، فهو كنصف الباقي بعد النصيب ، وخرجوا صور هذا القسم بطريقين .
أحدهما : البناء على القاعدة المذكورة .
فإذا أوصى - وله ثلاثة بنين - بنصيب أحدهم إلا ربع ما تبقى من المال بعد الوصية ، فهو كما لو أوصى بنصيب أحدهم إلا ثلث ما تبقى بعد النصيب ، فتأخذ مالا ، وتلقي منه نصيبا ، يبقى مال ناقص بنصيب ، تزيد ثلثه للاستثناء وهو ثلث مال إلا ثلث نصيب ، يبلغ مالا وثلث مال إلا نصيبا ، وثلث نصيب يعدل ثلاثة أنصباء ، فتجبر وتقابل ، فإذا مال وثلث مال يعدل أربعة أنصباء وثلث نصيب ، فتبسطها أثلاثا ، وتقلب الاسم ، فالمال ثلاثة عشر ، والنصيب أربعة ، تعطي الموصى له أربعة ، يبقى تسعة ، تسترد من الأربعة ثلث التسعة الباقية ، يبقى معه سهم ، ويحصل للبنين اثنا عشر ، ولكل ابن أربعة ، فالذي أخذه الموصى له مثل النصيب إلا ثلث الباقي بعد النصيب ، ومثل النصيب إلا ربع الباقي بعد الوصية ; لأن الباقي بعد الوصية اثنا عشر .
الطريق الثاني : أنا نعلم أن باقي المال في الصورة المذكورة بعد الوصية أنصباء البنين ، وهي ثلاثة ، وربعها ثلاثة أرباع نصيب ، فهو المستثنى من نصيب أحد البنين ، يبقى ربع نصيب وهو الوصية ، فتزيده على أنصباء البنين ، تبلغ ثلاثة أنصباء وربع نصيب ، نبسطها أرباعا بالضرب في أربعة ، تكون ثلاثة عشر ، والوصية سهم .
القسم الثالث : أن يطلق فيقول :
أوصيت له بمثل نصيب فلان إلا ربع ما تبقى من المال ، ولم يقل : بعد النصيب ، ولا بعد الوصية ، ففيه وجهان لأصحابنا .
أحدهما : يحمل على الباقي بعد النصيب ; لأن المذكور هو النصيب فانصرف الاستثناء إليه .
[ ص: 231 ] والثاني وهو قول أكثرهم : يحمل على الباقي بعد الوصية ; لأن الباقي بعد الوصية أكثر من الباقي بعد النصيب ، فيكون المستثنى أكثر ، ويقل نصيب الموصى له ، وقد تقرر تنزيل الوصايا على الأقل المتيقن ، ثم طريق الحساب على الوجهين ما سبق .