فصل
ومنها : الصداق والخلع ، وقد سبق أن المريض إذا نكح بمهر المثل ، جعل من رأس المال .
وإن نكح بأكثر ، فالزيادة من الثلث .
فإن كانت وارثة ، فالتبرع على وارث ، وذكرنا أنه إن ماتت الزوجة قبله وورثها الزوج ، وقع الدور ، فيتخرج على هذا مسائل .
إحداها :
أصدقها مائة ، ومهر مثلها أربعون ، فماتت قبله ولا مال لهما سوى الصداق ، فلها أربعون من رأس المال ، ولها شيء بالمحاباة ، يبقى مع الزوج ستون إلا شيئا ، ويرجع إليه بالإرث نصف ما للمرأة وهو عشرون ونصف شيء ، فالمبلغ ثمانون إلا نصف شيء يعدل شيئين ضعف المحاباة ، فبعد الجبر ثمانون تعدل شيئين ونصف شيء ، فالشيء خمسا الثمانين وهو اثنان وثلاثون ، فلها اثنان وسبعون ، أربعون مهر ، والباقي محاباة ، يبقى مع الزوج ثمانية وعشرون ، ويرجع إليه بالإرث ستة وثلاثون ، فيجتمع لورثته أربعة وستون ضعف المحاباة .
فإن كان لها ولد ، فالراجع إليه بالإرث ربع مالها وهو عشرة وربع شيء ، فيحصل للزوج سبعون
[ ص: 283 ] إلا ثلاثة أرباع شيء وذلك يعدل شيئين ، فبعد الجبر : سبعون تعدل شيئين وثلاثة أرباع شيء ، تبسطهما أرباعا ، فتكون الدراهم مائتين وثمانين ، والأشياء أحد عشر ، تقسم الدراهم على الأشياء ، يخرج من القسمة خمسة وعشرون وخمسة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ، فهذا قدر المحاباة ، فلها بالمهر والمحاباة خمسة وستون درهما وخمسة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ، يرجع إلى الزوج ربع ذلك وهو ستة عشر درهما وأربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم ، وذلك ضعف المحاباة .
( المسألة ) الثانية :
أعتق مريض جارية ونكحها على مهر مسمى ، نظر ، إن لم يملك غيرها ، فالنكاح باطل ; لأنه لا ينفذ عتق جميعها ، والنكاح والملك لا يجتمعان .
ثم إن لم يدخل بها ، فلا مهر .
وإن دخل ، فهو وطء شبهة ، فلها من المهر بقسط ما عتق منها ، ويقع فيه الدور .
فإذا كانت قيمتها مائة ، والمهر خمسين ، عتق منها شيء ولها بالمهر نصف شيء ; لأن المهر نصف القيمة ، يبقى جارية إلا شيئا ونصف شيء يعدل شيئين ، فبعد الجبر : جارية تعدل ثلاثة أشياء ونصف شيء ، فالشيء سبعا الجارية ، فينفذ العتق في سبعيها ، ويبطل في خمسة أسباعها ، فيصرف سبع منها إلى مهر السبعين ، يبقى للورثة أربعة أسباعها ضعف ما عتق ، ثم السبع المصروف إلى المهر ، إن رضيت به بدلا عما لها من المهر ، فذاك ، ويعتق عليها حين ملكته لا بالإعتاق الأول وإن أبت بيع سبعها في مهرها .
هذا إذا لم يملك غيرها .
فإن ملك ، و [ كانت ] الجارية قدر الثلث ، بأن خلف مائتين سواها ، فإن لم يدخل بها ، فلا مهر ، لأنها لو استحقت مهرا للحق [ التركة ] دين ، فلا تخرج كلها من الثلث ، ولبطل النكاح وسقط المهر ، وإن دخل بها ، قال
الشيخ أبو علي : لها الخيار ، فإن عفت عن مهرها ، عتقت وصح النكاح ، وإلا ، فلها ذلك ، ويتبين أن جميعها لم يعتق ، وأن النكاح فاسد ولها مهرها ما عتق منها .
فيقال : عتق شيء ، ولها بالمهر نصف شيء ، يبقى للورثة ثلثمائة إلا شيئا ونصف شيء يعدل شيئين ،
[ ص: 284 ] فبعد الجبر : ثلثمائة تعدل ثلاثة أشياء ونصف شيء ، فمائة تعدل شيئا وسدس شيء ، تبسطها أسداسا ، وتقلب الاسم ، فالشيء ستة ، والمائة سبعة ، فالشيء ستة أسباع الجارية .
( المسألة ) الثالثة : قد علم أن خلع المريض بأقل من مهر المثل ، لا يعتبر من الثلث ، وأن
المريضة [ لو نكحت بأقل من مهر المثل جاز ، ولا اعتراض للورثة إذا لم يكن الزوج وارثا ، وأن المريضة ] لو اختلعت بأكثر من مهر المثل ، اعتبرت الزيادة من الثلث .
فإذا
نكح مريض امرأة بمائة ، ومهرها أربعون درهما ، ثم خالعته في مرضها بمائة ، وماتا من مرضهما ولا مال لهما إلا المائة ، فإما أن يكون الخلع قبل الدخول ، وإما بعده .
الحالة الأولى : بعده ، فللمرأة أربعون من رأس المال ، وله شيء بالمحاباة ، ثم يرجع إلى الزوج أربعون بالخلع ، وله ثلث شيء بالمحاباة ، فيحصل لورثة الزوج مائة إلا ثلثي شيء تعدل شيئين ، فبعد الجبر : مائة تعدل شيئين وثلثي شيء ، فالشيء ثلاثة أثمان المائة وهو سبعة وثلاثون درهما ونصف درهم وهي المحاباة ، فللمرأة بالمهر والمحاباة سبعة وسبعون درهما ونصف درهم ، ثم يأخذ الزوج من ذلك أربعين درهما بعوض الخلع ، وبالمحاباة ثلث الباقي وهو اثنا عشر ونصف ، وكان [ بقي ] له اثنان وعشرون ونصف ، فالمبلغ خمسة وسبعون ضعف المحاباة .
هذا إذا جرى الخلع بمائة في ذمتها ، فلو جرى بعين المائة التي أصدقها ، فقد خالعها على مملوك وغير مملوك .
قال الأستاذ تفريعا على أن المسمى يسقط ويرجع إلى مهر المثل : لها أربعون من رأس المال ، وشيء بالمحاباة ، وللزوج عليها أربعون بالخلع ، ولا شيء له بالمحاباة ; لأن المسمى إذا بطل بطل ما في ضمنه من المحاباة ، فيكون لورثة الزوج مائة إلا شيئا يعدل شيئين ، فبعد الجبر يتبين أن المسمى ثلث المائة ، فلها بالمهر والمحاباة ثلاثة وسبعون
[ ص: 285 ] درهما وثلث درهم ، يأخذ الزوج من ذلك أربعين ، يجتمع لورثته ستة وستون وثلثان ضعف المحاباة .
الحالة الثانية : إذا جرى الخلع قبل الدخول ، فيتشطر الصداق ، والحاصل للمرأة نصف مهر المثل من رأس المال وهو عشرون درهما وشيء بالمحاباة ، للزوج من ذلك أربعون مهر المثل ، يبقى شيء إلا عشرين درهما له ثلاثة بالمحاباة وهو ثلث شيء إلا ستة دراهم وثلثي درهم ، يبقى لورثتها ثلثا شيء إلا ثلاثة عشر درهما وثلث درهم ، فيجتمع لورثة الزوج مائة وثلاثة عشر درهما وثلث درهم إلا ثلثي شيء ، وذلك يعدل ضعف المحاباة شيئين ، فبعد الجبر : مائة وثلاثة عشر وثلث تعدل شيئين وثلثي شيء ، فالشيء ثلاثة أثمان هذا المبلغ وهي اثنان وأربعون درهما ونصف درهم [ وهي المحاباة ، فللمرأة المحاباة ونصف المهر اثنان وستون درهما ونصف درهم ] يبقى للزوج سبعة وثلاثون درهما ونصف درهم ، ويأخذ مما صار لها بعوض الخلع أربعين ، ويأخذ أيضا ثلث الباقي وهو سبعة دراهم ونصف ، فالمبلغ خمسة وثمانون ضعف المحاباة .
هذا كلام الأستاذ ، واعترض الإمام بأن مهر المثل مع المحاباة الصداق ، فوجب أن يرجع إلى الزوج نصف الجميع ، وعلى هذا طريق الحساب أن يقال : لها من رأس المال أربعون ، وبالمحاباة شيء ، يبقى للزوج ستون إلا شيئا ، ويرجع إليه نصف ما ملكته صداقا وهو عشرون ونصف شيء ، فللزوج ثمانون إلا نصف شيء ، ثم تأخذ مما بقي لها أربعين ، يبقى نصف شيء إلا عشرين درهما ، تأخذ بالمحاباة ثلث هذا الباقي وهو سدس شيء إلا ستة دراهم وثلثي درهم ، فيجتمع لورثته مائة وثلاثة عشر درهما وثلث درهم إلا ثلث شيء يعدل شيئين ، فبعد الجبر يتبين أن الشيء ثلاثة أسباع مائة وثلاثة عشر درهما وثلث درهم ، وهو ثمانية وأربعون درهما وأربعة أسباع درهم ، يبقى للزوج أحد عشر درهما وثلاثة أسباع ، ويرجع بالشطر أربعة وأربعون درهما وسبعان ، ويأخذ من الشطر
[ ص: 286 ] الآخر قدر مهر المثل وهو أربعون وثلث الباقي وهو درهم وثلاثة أسباع ، فالمبلغ سبعة وتسعون درهما وسبع درهم ، وذلك ضعف المحاباة ، يبقى لورثة المرأة درهمان وستة أسباع درهم .
وعلى قول الأستاذ ، يبقى لهم خمسة عشر ، ثم لا فرق في المسألة بين موته أولا وعكسه ، وموتهما معا ، لانقطاع الإرث بالخلع ، والدور إنما يقع في جانبه دونها ، إذ لا يعود إليها شيء مما يخرج منها .