فصل
ومنها الجنايات ، فإذا
جنى عبد على حر خطأ ، وعفا المجني عليه ومات لم يكن العفو وصية لقاتل ; لأن فائدته تعود إلى السيد ، فإن أجاز الورثة ، فذاك ، وإلا ، نفذ في الثلث ، وانفك ثلث العبد عن تعلق أرش الجناية .
وأشار الإمام إلى وجه : أنه لا ينفك ، كما أنه لا ينفك شيء من المرهون ما بقي شيء من الدين .
والصحيح الأول .
ثم السيد بالخيار بين أن يسلم ثلثيه للبيع ، وبين أن يفديه .
فإن سلمه ، فلا دور ، بل يباع ويؤدى من ثمنه ثلثا الأرش ، أو ما تيسر .
وإن فداه ، فيفدي الثلثين بثلثي الأرش ، كم كان ، أم بالأقل من ثلثي القيمة وثلثي الدية ؟ فيه قولان .
فإن كان الفداء بثلثي القيمة ، فلا دور ، وإن كان بالدية ، فيقع الدور ، فيقطع بالحساب .
مثاله : قيمة العبد ثلثمائة ، وقومنا الإبل فكانت ألفا ومائتين ، فيصح العفو في شيء من العبد ، ويبطل في عبد ناقص بشيء يفديه السيد بأربعة أمثاله ; لأن الدية أربعة أمثاله ، وأربعة أمثاله أربعة أعبد إلا أربعة أشياء ، فيحصل لورثة العافي أربعة أعبد إلا أربعة أشياء ، وذلك يعدل شيئين ، فتجبر وتقابل ، فأربعة أعبد تعدل ستة أشياء ، فتقلب الاسم ، وتقول : العبد ستة ، والشيء أربعة وهي ثلثا الستة ، فيصح العفو في ثلثي العبد وهو مائتان ، ويفدي السيد ثلثه بثلث الدية وهو أربعمائة ، فيحصل لورثة العافي ضعف المائتين .
هذا إذا لم يترك
[ ص: 287 ] العافي سوى ما يستحقه من الدية .
فإن ترك مالا ، نظر ، إن كانت القيمة أقل من الدية ، وكان ما تركه ضعف القيمة ، صح العفو في جميع العبد .
وإن كان ما تركه دون ضعف القيمة ، ضمت التركة إلى قيمة العبد ، وصح العفو في ثلث الجملة من العبد .
وإن كانت القيمة أكثر من الدية ، جمع بين التركة والدية ، وصح العفو فثلث الجملة من الدية .
فروع : أحدها : لو
لم يترك سوى ما يستحق من الدية وعليه مائتان دينا ، وسلمه للبيع ، واختار الفداء ، وقلنا : الفداء بأقل الأمرين ، سقط الدين من قيمة العبد ، يبقى مائة للسيد ثلثها ، وهو تسع العبد ، فيصح العفو في تسعه ، ويباع ثمانية أتساعه ، أو يفديها السيد بثمانية أتساع قيمته ، وهو مائتان وستة وستون درهما وثلثان ، يقضى منها دينه ، يبقى ستة وستون وثلثان ضعف ما صح فيه العفو .
وإن قلنا بالدية ، صح العفو في شيء ، وفدى السيد الباقي بأربعة أمثاله وهي أربعة أعبد إلا أربعة أشياء ، تحط منها قدر الدين وهو ثلثا عبد ، يبقى ثلاثة أعبد وثلث عبد إلا أربعة أشياء تعدل شيئين ، فتجبر وتقابل وتبسطها أثلاثا ، وتقلب الاسم ، فالعبد ثمانية عشر ، والشيء عشرة وهو خمسة أتساعها ، فيصح العفو في خمسة أتساع العبد وهي مائة وستة وستون درهما وثلثان ، ويفدي السيد باقيه وهو مائة وثلاثة وثلاثون درهما وثلث درهم بأربعة أمثاله وهي خمسمائة وثلاثة وثلاثون ، يقضى منها الدين ، يبقى ثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث درهم ضعف ما صح العفو فيه .
( الفرع ) الثاني :
جنى عبدان خطأ على حر ، فعفا عنهما ، ومات ولا مال له سوى الدية ، فإن اختار السيدان تسليمهما أو اختارا الفداء ، وقلنا : الفداء بأقل الأمرين ،
[ ص: 288 ] صح العفو في ثلث كل عبد ، وبيع ثلثاه ، أو فدى سيده ثلثيه بثلثي القيمة .
وإن قلنا : الفداء بالدية ، وكانت قيمة كل عبد ثلثمائة ، وقيمة الدية ألفا ومائتين ، صح العفو في شيء من كل عبد ، وفدى سيده باقيه بضعفه ; لأن نصف الدية هو الذي تعلق بكل عبد ، ونصف الدية ضعف كل عبد ، فيحصل لورثة العافي أربعة أعبد إلا أربعة أشياء ، وذلك يعدل ضعف ما جاز العفو فيه وهو أربعة أشياء ، فبعد الجبر : أربعة أعبد تعدل ثمانية أشياء ، فتقلب الاسم ، وتجعل العبد ثمانية ، والشيء أربعة وهو نصفها ، فيصح العفو في نصف كل عبد ، ويفدي كل سيد نصف عبده بعبد ، فيحصل للورثة عبدان ضعف ما صح العفو فيه .
( الفرع ) الثالث :
قتل عبد حرين خطأ ، تعلقت برقبته الديتان .
فإن سلمه سيده ، بيع ووزع عليهما .
وإن فداه وقلنا : الفداء بالقيمة ، وزعت القيمة .
وإن قلنا بالدية ، فداه بالديتين .
فإن
عفا أحدهما في مرضه ، قال
ابن سريج : يدفع إلى ورثة العافي ثلثا نصفه ، وإلى ورثة الذي لم يعف جميع النصف ، كأن كل واحد متعلق بنصف منه ، فينفذ عفو العافي في ثلث محل حقه .
قال الأستاذ : هذا لا يستقيم على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ، بل الديتان متعلقتان بجميع العبد ، فإذا عفا أحدهما ، سقط [ ثلث ] الدية ، فورثته وورثة الآخر يتضاربون هؤلاء بثلثي دية مورثهم ، وهؤلاء بكل دية مورثهم .