فصل
لا يصح الإيداع إلا من جائز التصرف . فلو
أودع صبي أو مجنون مالا ، لم يقبله ، فإن قبله ، ضمنه ، ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى الناظر في أمره . لكن لو خاف هلاكه في يده فأخذه على وجه الحسبة صونا له ، لم يضمنه على الأصح .
ولا يصح الإيداع إلا عند جائز التصرف ، فلو
أودع مالا عند صبي ، فتلف ، لم يضمنه ، إذ ليس عليه حفظه ، فهو كما لو تركه عند بالغ من غير استحفاظ فتلف . وإن أتلفه الصبي ،
[ ص: 326 ] فقولان . ويقال : وجهان . أحدهما : لا ضمان ؛ لأن المالك سلطه عليه ، فصار كما لو باعه أو أقرضه وأقبضه فأتلفه ، فلا ضمان قطعا . وأظهرهما : يضمن ، كما لو أتلف مال غيره من غير استحفاظ . ولا تسليط على الإتلاف هنا ، بخلاف البيع والقرض .
ولو
أودع ماله عند عبد فتلف عنده ، فلا ضمان . وإن أتلفه ، فهل يتعلق الضمان برقبته كما لو أتلف ابتداء ، أم بذمته كما لو باعه ؟ فيه الخلاف المذكور في الصبي . وإيداع السفيه والإيداع عنده ، كإيداع الصبي والإيداع عنده .
فرع
استنبطوه من الخلاف المذكور في الصبي والعبد أصلا في الباب
وهو أن
الوديعة عقد برأسه ، أم إذن مجرد ؟ إن قلنا عقد ، لم يضمنه الصبي ، ولم يتعلق برقبة العبد . وإن قلنا : إذن ، فبالعكس ، وخرجوا عليه ولد
الجارية المودعة ، ونتاج البهيمة . إن قلنا : عقد ، فالولد وديعة كالأم ، وإلا ، فليس بوديعة ، بل أمانة شرعية في يده يجب ردها في الحال ، حتى لو لم يؤد مع التمكن ، ضمن على الأصح ، كذا قاله
البغوي .
وقال
المتولي : إن قلنا : عقد ، لم يكن وديعة ، بل أمانة ، اعتبارا بعقد الرهن والإجارة ، وإلا فهل يتعدى حكم الأم إلى الولد كالأضحية ، أم لا كالعارية ؟ وجهان ، والموافق لإطلاق الجمهور كون الوديعة عقدا .