الطرف الثاني : في
الرضخ .
فالصبي ، والعبد ، والمرأة ، والخنثى ، والزمن ، والذمي ، لا يسهم لهم ، لكن يرضخ لهم ، وهذا الرضخ مستحق على المشهور . وفي قول : مستحب . ويجتهد الإمام في قدره ، ولا يبلغ به سهم راجل إن كان من يرضخ له راجلا . وإن كان فارسا ، فوجهان ، بناء على أنه هل يجوز أن يبلغ تعزير الحر حد العبيد ؟ وبالمنع قطع
الماوردي . وسواء
حضر العبد بإذن سيده ،
والصبي بإذن وليه ،
والمرأة بإذن زوجها ، أم بغير إذنهم .
وإن
حضر الذمي بغير إذن الإمام ، لم يستحق شيئا على الصحيح ، بل يعزره الإمام آن ذلك . وإن حضر بإذنه ، فإن كان استأجره ، فله الأجرة فقط ، وإلا ، فله الرضخ على الصحيح . وقيل : لا شيء له . وقيل : إن قاتل ، استحق ، وإلا ، فلا . وإذا حضر نساء أهل الذمة بإذن الإمام ، فلهن الرضخ على الأصح .
فرع
يفاوت الإمام بين أهل الرضخ بحسب نفعهم ، فيرجح المقاتل ومن قتاله
[ ص: 371 ] أكثر على غيره ، والفارس على الراجل ، والمرأة التي تداوي الجرحى وتسقي العطاش على التي تحفظ الرجال ، بخلاف سهم الغنيمة ، فإنه يستوي فيه المقاتل وغيره ؛ لأنه منصوص عليه . والرضخ بالاجتهاد ، كدية الحر وقيمة العبد .
فرع
في
محل الرضخ للعبيد والصبيان والنساء ، ثلاثة أقوال : أظهرها : من أربعة أخماس الغنيمة . والثاني : من أصلها . والثالث : من خمس الخمس ، وأهل الذمة كالعبيد على المذهب . وقيل : يرضخ لهم من خمس الخمس قطعا . وحيث رضخنا من أصل الغنيمة يبدأ به كالسلب ، ثم يقسم الباقي خمسا وأربعة أخماس .
فرع
إذا
انفرد العبيد والنساء والصبيان بغزوة وغنموا ، خمست . وفي الباقي أوجه . أصحها : يقسم بينهم كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية وتفضيل . والثاني : يقسم كالغنيمة ، للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم . والثالث : يرضخ لهم منه ، ويجعل الباقي لبيت المال . وخصص
البغوي هذا الخلاف بالصبيان والنساء ، وقطع في العبيد بكونه لسادتهم ، وحكى أنه لو سبى مراهقون أو مجانين صغارا ، حكم بإسلامهم تبعا لهم . أما إذا كان مع أهل الرضخ واحد من أهل الكمال ، فيرضخ لهم ، والباقي لذلك الواحد .
[ ص: 372 ] فرع
لا يخمس
ما أخذه الذميون من أهل الحرب ؛ لأن الخمس حق يجب على المسلمين كالزكاة .
فرع
من
قاتل من أهل الكمال أكثر من غيره ، رضخ له مع السهم ، كذا ذكره
المسعودي والبغوي ، ومنهم من ينازع كلامه فيه . وقيل : يزاد من سهم المصالح ما يليق بالحال .
فرع
لو
زال نقص أهل الرضخ ، فعتق العبد ، وأسلم الكافر ، وبلغ الصبي قبل انقضاء دار الحرب ، أسهم لهم ، وإن كان بعد انقضائها ، فقد أطلق
الماوردي أنه ليس لهم إلا الرضخ ، وينبغي أن يجيء فيما بين انقضاء الحرب وحيازة المال ، الخلاف الآتي فيمن حضر في هذا الحال .