[ ص: 3 ] كتاب النكاح
وفيه أبواب .
[ الباب الأول ] في
خصائص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النكاح وغيره . قال الأئمة : هي أربعة أضرب .
أحدها :
ما اختص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الواجبات ، والحكمة فيه زيادة الزلفى والدرجات ، فلن يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترض عليهم .
قلت : قال إمام الحرمين هنا : قال بعض علمائنا :
الفريضة يزيد ثوابها على ثواب النافلة بسبعين درجة ، واستأنسوا فيه بحديث . - والله أعلم - .
فمن ذلك ، صلاة الضحى ، ومنه الأضحية ، والوتر ، والتهجد ، والسواك ، والمشاورة على الصحيح في الخمسة .
والأرجح : أن الوتر غير التهجد .
قلت : جمهور الأصحاب ، على أن
التهجد كان واجبا عليه - صلى الله عليه وسلم - . قال
القفال : وهو أن يصلي في الليل وإن قل .
وحكى الشيخ
أبو حامد : أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - نص على أنه نسخ وجوبه في حقه - صلى الله عليه وسلم - ، كما نسخ في حق غيره ، وهذا هو الأصح أو الصحيح . وفي
[ ص: 4 ] ( صحيح
مسلم ) عن
عائشة - رضي الله عنه - ما يدل عليه . - والله أعلم - .
وكان عليه - صلى الله عليه وسلم - ، إذا رأى منكرا أن يغيره ، لأن الله تعالى وعده بالعصمة .
قلت : قد يقال : هذا ليس من الخصائص ، بل كل مكلف تمكن من إزالته ، لزمه تغييره ، ويجاب عنه بأن المراد أنه لا يسقط عنه للخوف ، فإنه معصوم ، بخلاف غيره . - والله أعلم - .
وكان عليه - صلى الله عليه وسلم - ، مصابرة العدو وإن كثر عددهم .
وكان عليه - صلى الله عليه وسلم - ، قضاء دين من مات من المسلمين معسرا . وقيل : كان يقضيه تكرما . وفي وجوب قضاء دين المعسر على الإمام من مال المصالح ، وجهان .
وقيل : كان يجب عليه - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى شيئا يعجبه أن يقول : لبيك إن العيش عيش الآخرة .
وأما في النكاح ،
فأوجب الله سبحانه وتعالى عليه - صلى الله عليه وسلم - تخيير نسائه بين مفارقته واختياره . وحكى
الحناطي وجها أن هذا التخيير كان مستحبا ، والصحيح الأول . ولما خيرهن ، اخترنه والدار الآخرة ، فحرم الله تعالى عليه - صلى الله عليه وسلم - التزويج عليهن والتبدل بهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن ، فقال تعالى : (
لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ) [ الأحزاب : 52 ] ثم نسخ ذلك لتكون المنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بترك التزويج عليهن ، بقوله تعالى : (
إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن )
[ الأحزاب : 50 ]
[ ص: 5 ] وهل حرم عليه - صلى الله عليه وسلم - طلاقهن بعدما اخترنه ؟ فيه أوجه . أصحها : لا ، والثاني : نعم . والثالث : يحرم عقيب اختيارهن ، ولا يحرم إن انفصل . ولو فرض أن واحدة منهن اختارت الدنيا ، فهل كان يحصل الفراق بنفس الاختيار ؟ وجهان . أصحهما : لا .
وهل كان جوابهن مشروطا بالفور ؟ وجهان . أصحهما : لا . فإن قلنا بالفور ، فهل كان يمتد بامتداد المجلس ، أم المعتبر ما يعد جوابا في العرف ؟ وجهان . وهل كان قولها : اخترت نفسي ، صريحا في الفراق ؟ فيه وجهان .
وهل كان يحل له - صلى الله عليه وسلم - التزويج بها بعد الفراق ؟ وجهان .