[ ص: 50 ] الركن الرابع :
العاقدان ، وهما الموجب ، والقابل . فالقابل : هو الزوج ومن ينوب عنه . والموجب : هو الولي أو وكيله ، ولا تصح عبارة المرأة في النكاح إيجابا وقبولا . فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا بغير إذنه ، ولا غيرها ، لا بولاية ولا وكالة ، ( ولا يقبل النكاح لا بولاية ولا وكالة ) . ولو
وكل بنته بأن توكل رجلا بتزويجها ، فوكلت ، نظر ، إن قال : وكلي عن نفسك ، لم يصح . وإن قال : وكلي عني ، أو أطلق ، فوجهان .
فرع
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - قال : إذا
كان في الرفقة امرأة لا ولي لها ، فولت أمرها رجلا حتى يزوجها ، جاز ، وليس هذا قولا في صحة النكاح بلا ولي ، لأن أبا
عاصم العبادي حكى هذا النص في طبقات الفقهاء ، ثم ذكر أن من أصحابنا من أنكره ، ومنهم من قبله ، وقال : إنه تحكيم ، والمحكم قام مقام الحاكم .
قلت : ذكر صاحب ( الحاوي ) فيما إذا
كانت امرأة في موضع ليس فيه ولي ولا حاكم ، ثلاثة أوجه . أحدها : لا تزوج . والثاني : تزوج نفسها للضرورة . والثالث : تولي أمرها رجلا يزوجها . وحكى
الشاشي أن صاحب ( المهذب ) كان يقول في هذا : تحكم فقيها مجتهدا ، وهذا الذي ذكره في التحكيم صحيح بناء على الأظهر في جوازه في النكاح ، ولكن شرط الحكم أن يكون صالحا للقضاء ، وهذا يعتبر في مثل هذه الحال . فالذي نختاره ، صحة النكاح إذا
ولت أمرها عدلا وإن لم يكن مجتهدا ، وهو ظاهر نصه الذي نقله
يونس ، وهو ثقة . - والله أعلم - .
[ ص: 51 ] فرع
إذا
وطئ في نكاح بلا ولي ، وجب مهر المثل ، ولا حد سواء صدر ممن يعتقد تحريمه أو إباحته باجتهاد أو تقليد أو حسبان مجرد ، لشبهة اختلاف العلماء ، ولكن معتقد التحريم يعزر . وقال
الإصطخري وأبو بكر الفارسي والصيرفي : يحد معتقد التحريم ، ولا مهر ، وهو ضعيف . ولو رفع النكاح بلا ولي إلى قاض يصححه ، فحكم بصحته ، ثم رفع إلينا ، لم ننقض قضاءه على الصحيح . وقال
الإصطخري : ننقضه ، ولو طلق فيه ، لم يقع ، فلو طلق ثلاثا ، لم يفتقر إلى محلل . وقال
أبو إسحاق : يقع ويفتقر إلى محلل احتياطا للإبضاع ، وهذا كوجهين ذكرهما
أبو الحسن العبادي عن
القفال ، أنها إذا
زوجت نفسها ، هل للولي أن يزوجها قبل تفريق القاضي بينهما ؟ قال : وبالمنع أجاب
القفال الشاشي ، لأنها في حكم الفراش ، وهو تخريج
ابن سريج .
فرع
إذا
أقرت حرة مكلفة بالنكاح ، فقولان . الجديد الأظهر : يقبل إقرارها مع تصديق الزوج بلا بينة ، لأن النكاح حقهما ، فثبت بتصادقهما ، كالبيع وغيره ، ولا فرق على هذا بين البكر والثيب ، ولا بين الغريبين والبلديين . والقديم : أنهما إن كانا غريبين ، ثبت النكاح ، وإلا ، طولبا بالبينة ، لسهولتها عليهما ، وللاحتياط ، فعلى الجديد : هل يكفي إطلاق الإقرار ، أم يشترط أن يفصل فيقول : زوجني به وليي بحضرة شاهدين عدلين ورضاي ؟ إن كانت معتبرة الرضى ، وجهان . أصحهما : الثاني . ثم إذا
أقرت وكذبها الولي ، فثلاثة أوجه . أصحها : يحكم بقولها ، لأنها
[ ص: 52 ] تقر على نفسها ، قاله
ابن الحداد والشيخ
أبو علي . والثاني : لا ، لأنها كالمقرة على الولي ، قاله
القفال ، والثالث : يفرق بين العفيفة والفاسقة ، قاله القاضي
حسين . ولا فرق في هذا الخلاف بين أن تفصل الإقرار وتضيف التزويج إلى الولي فيكذبها ، وبين أن تطلق إذا قبلنا الإقرار المطلق فقال الولي : لا ولي لك غيري ، وما زوجتك . ويجري الخلاف أيضا في تكذيب الشاهدين إذا كانت قد عينتهما . والأصح : أنه لا يقدح تكذيبهما ، لاحتمال النسيان والكذب . فإن قلنا : تكذيب الولي يمنع قبول إقرارها ، فكان غائبا ، لم ينتظر حضوره ، بل تسلم إلى الزوج في الحال للضرورة ، فإن عاد وكذبها ، فهل يحال بينهما لزوال الضرورة ، أم يستدام ؟ وجهان ، رجح
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي الأول ، وغيره الثاني .
وإذا قلنا بالقديم ، فجرى الإقرار في الغربة ، ثم رجعا إلى الوطن ، ففي الحوالة بينهما الوجهان . قال الإمام : ولا شك أنه لو قضى قاض بالإقرار ، لم ينقض .
فرع
أقر الولي بإنكاحها ، إن كان له إنشاء النكاح المقر به عند الإقرار بغير رضاها ، قبل إقراره ، لقدرته على الإنشاء . وحكى
الحناطي وجها أنه لا يقبل حتى توافقه البالغة . والصحيح الأول . وإن لم يكن له الإنشاء بغير رضاها ، لكونه غير مجبر ، أو الحال غير حال الإجبار ، أو الزوج ليس بكفء ، لم يقبل إقراره . ولو قال وهي ثيب : كنت زوجتها في بكارتها ، لم يقبل ، واعتبر وقت الإقرار ، كذا أطلقه الإمام ، وهو الظاهر . ويمكن جعله على الخلاف فيما لو أقر مريض لوارثه بهبة في الصحة .
[ ص: 53 ] فرع
أقرت لزوج ، وأقر وليها المقبول إقراره لآخر ، فهل المقبول إقراره ، أم إقرارها ؟ فيه وجهان حكاهما
أبو الحسن العبادي والحليمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال الشاشي والأودني .
فرع
قال الخاطب لولي المرأة : زوجت نفسي بنتك ، فقبل ، قال
المتولي : يبنى انعقاد النكاح على أن كل واحد من الزوجين معقود عليه لأن بقاءهما شرط لبقاء العقد كالعوضين في البيع ، أم المعقود عليه المرأة فقط لأن العوض من جهته المهر لا نفسه ، ولأنه لا حجر عليه في نكاح غيرها معها ؟ فيه خلاف . فعلى الثاني : لا ينعقد . وعلى الأول : وجهان . قال
أبو عاصم وأبو سهل الأبيوردي : ينعقد كما لو أضاف إليها ، ومنعه القاضي
حسين ، لأنه غير معهود .