[ ص: 102 ] فصل
هل للسيد إجبار العبد البالغ على النكاح ؟ قولان . القديم : نعم . والجديد : لا . فإن كان صغيرا ، فالأصح أنه كالكبير . وقيل : يجبر قطعا ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج . والكبير المجنون كالصغير ، فإن جوزنا الإجبار ، فللسيد أن يقبل النكاح للبالغ ، وله أن يكرهه على القبول ، ويصح ، لأنه إكراه بحق ، كذا قاله
البغوي . وقال
المتولي : لا يصح قبوله كرها ، ويقبل إقرار السيد على العبد بالنكاح كإقرار الأب على بنته . ويجوز أن يزوج أمته بعبده الصغير والكبير ، ولا يجب مهر . وفي استحباب ذكره قولان . الجديد : استحبابه . وإذا طلب العبد النكاح ، فليجبه السيد ، ولا تجب الإجابة على الأظهر . فإن أوجبنا ، فامتنع سيده ، زوجه السلطان كالمعضولة . ولو نكح بنفسه ، قال الإمام : هو كما لو طلب السفيه وامتنع الولي فنكح بنفسه . والمدبر والمعلق عتقه كالقن . ومن بعضه حر لا يجبر ولا يستقل ، وفي وجوب إجابته الخلاف . والمكاتب لا يستقل ، ولا يجبره السيد . ولو نكح بإذن السيد ، صح على المذهب . وقيل : قولان كتبرعه . فإن صححنا ، ففي وجوب إجابته الخلاف كالقن ، وأولى بالوجوب . والعبد المشترك ، هل لسيديه إجباره وعليهما إجابته ؟ فيه الخلاف المذكور في الطرفين . ولو دعاه أحدهما إلى النكاح ، وامتنع الآخر أو العبد ، فلا إجبار . ولو طلب أحدهما مع العبد ، وامتنع الآخر ، فعن
الشيخ أبي حامد : أنه كالمكاتب . وقال
ابن الصباغ : لا تؤثر موافقة الآخر .
[ ص: 103 ] فرع
له إجبار أمته على النكاح ، سواء الصغيرة والكبيرة ، والبكر والثيب ، والعاقلة والمجنونة . وإن طلبته ، لم يلزمه إجابتها إن كانت ممن يحل له وطؤها ، وكذا إن لم يحل على الأصح ، كالأخت . ولو ملك أختين ، فوطئ إحداهما ، لم يجبر على تزويج الأخرى قطعا ، لأن تحريمها عليه لعارض . والمدبرة والمعلق عتقها كالقنة ، وكذا أم الولد على الصحيح . ومن بعضها حر ، لا تجبر ولا يجبر سيدها ( أيضا ) على الأصح . والمكاتبة لا تجبر ، ولا تنكح دون إذنه . وفي وجوب إجابتها وجهان .
قلت : الأصح لا تجب . - والله أعلم - .
وفي وجه : لا تزوج أصلا ، لاختلال ملك المولى ، وعدم استقلالها .
فرع
لا يزوج السيد أمة مكاتبه ولا عبده ، ولا يزوجها المكاتب بغير إذن سيده ، وبإذنه قولان كتبرعه .
فرع
إذا كان
لعبده المأذون له في التجارة أمة ، فإن لم يكن على العبد دين ، جاز للسيد تزويجها بغير إذن العبد على الأصح . وقيل : لا ، إلا أن يعد الحجر عليه ، لاحتمال أن يحدث دين ولا يفي ما في يده به . وإن كان عليه دين ، وزوجها بإذن
[ ص: 104 ] العبد والغرماء ، صح . وإن زوج بإذنه دونهم ، أو بإذنهم دونه ، لم يصح على الأصح . وبيع السيد ووطؤه وهبته هذه الجارية ، كتزويجها في حالتي قيام الدين وعدمه . وإذا وطئ بغير إذن الغرماء ، فهل عليه المهر ؟ وجهان .
قلت : لعل أصحهما الوجوب ، لأن مهرها مما يتعلق به حق الغرماء ، بخلاف وطئه المرهونة . - والله أعلم - .
فإن أحبلها ، فالولد حر ، والجارية أم ولد إن كان موسرا . وإن كان معسرا ، لم تصر أم ولد ، بل تباع في الدين . فإن ملكها بعد ، فالحكم كما سبق في المرهونة ، وكذا الحكم في استيلاد الجارية الجانية وفي استيلاد الوارث جارية التركة إذا كان على المورث دين . وإذا لم نحكم باستيلاد في الحال ، وجب قيمة ولد جارية العبد المأذون ، وجارية التركة ، ولا يجب في ولد الجانية والمرهونة ، لأن حق المجني عليه والمرتهن لا يتعلق بالولد .
ولو أعتق عبد المأذون ، وعلى المأذون دين ، أو أعتق الوارث عبد التركة ، وعلى المورث دين ، قال
البغوي : قيل في نفوذ العتق قولان ، كإعتاق المرهون . والمذهب : أنه إن كان معسرا ، لم ينفذ . وإن كان موسرا ، نفذ كالاستيلاد ، وعليه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد ، كإعتاق العبد الجاني .
فرع
تزويج من تعلق برقبتها مال ، لا يجوز بغير إذن المجني عليه إن كان السيد معسرا . وإن كان موسرا ، جاز على أحد الوجهين ، وكان اختيارا للفداء .
[ ص: 105 ] قلت : الجواز أصح . - والله أعلم - .
فرع
تزويج السيد أمته ، هل هو بالملك ، أم بالولاية ؟ وجهان . أصحهما : بالملك . ويتفرع عليهما صور .
منها : إذا سلبنا الفاسق الولاية ، زوجها إن قلنا بالملك ، [ وإلا ، فلا ] .
ومنها : إذا كان لمسلم أمة كتابية ، فله تزويجها على المذهب ، وهو المنصوص ، وإنما يتصور تزويجه إياها بعبد أو حر كتابي إذا حللناها لهما .
ومنها : إذا كان
للكافر أمة مسلمة ، أو أم ولد ، قال
ابن الحداد : يزوجها بالملك ، والأصح المنع .
ولو كان لمسلم أمة مجوسية أو ذمية ، فهل له تزويجها ؟ وجهان . صحح
الشيخ أبو علي الجواز ، وقطع
البغوي بالمنع . وما ذكرناه من الخلاف في أن تزويج الأمة بالملك ، أم بالولاية ، لا يجري في تزويج العبد إلا إذا قلنا : للسيد إجباره . فلو كان للكافر عبد مسلم ، ورأينا الإجبار ، ففي إجباره إياه الخلاف في كونه يزوج أمته المسلمة . وإن لم نر الإجبار ، لم يستقل العبد ، ولكن يأذن له السيد ليسقط حقه فيستقل العبد حينئذ ، كما تأذن المرأة لعبدها فيتزوج وإن كانت ليست أهلا للتزويج .
ومنها : قال
المتولي : للمكاتب تزويج أمته إن قلنا بالملك ، وإلا ، فلا .